فوات الوفيات - الكتبي - ج ١ - الصفحة ٣٣٩
مجرودا فيأخذ الملعقة من الغلام الذي على يمينه ويأكل بها لقمة واحدة ثم يدفعها إلى الغلام الذي على يساره لئلا يعيد الملعقة إلى فيه مرة ثانية ولما كثر على الوزير استمرار ما يجري من أبي الفرج جعل له مائدتين إحداهما كبيرة عامة والأخرى لطيفة خاصة يواكله عليها من يدعوه إليها وعلى صنعه بأبي الفرج ما كان يصنعه ما خلا من هجوه فإن أبا الفرج قال * أبعين مفتقر إليك نظرتني * فأهنتني وقذفتني من حالق * * لست الملوم أنا الملوم لأنني * أنزلت آمالي بغير الخالق * ويروى هذان البيتان للمتنبي رواهما له تاج الدين الكندي والله أعلم لمن هما وكان قبل وزارته قد سافر مرة ولقى في سفره مشقة شديدة واشتهى اللحم فلم يقدر عليه وكان معه رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي فقال المهلبي ارتجالا * ألا موت يباع فأشتريه * فهذا العيش ما لا خير فيه * * إذا أبصرت قبرا من بعيد * وددت لو أنني مما يليه * * ألا موت لذيذ الطعم يأتي * يخلصني من الموت الكريه * * ألا رحم المهيمن نفس حر * تصدق الوفاة على أخيه * فما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه وتفارقا وتنقلت الأحوال بالمهلبي وولى الوزارة وضاقت الأحوال برفيقه الصوفي فقصده وكتب إليه * ألا قل للوزير فدته نفسي * مقال مذكر ما قد نسيه * * أتذكر إذ تقول لضيق عيش * ألا موت يباع فأشتريه * فلما قرأ الأبيات تذكره وأمر له في الحال بسبعمائة درهم ووقع له في رقعته * (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) * البقرة 261 ثم دعا به وخلع عليه وقلده عملا يليق به
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»