يا أيها الكاتمما القمر العاتممثل السهى 3 (ضياء الدين بن الأثير)) نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني ابن الأثير ضياء الدين أبو الفتح الجزري أحد الإخوة وقد مر ذكر أخويه عز الدين ومجد الدين في مكانيهما وكانت بينه وبين أخيه غز الدين مجانبة شديدة ومقاطعة ولد هذا ضياء الدين بالجزيرة ونشأ بها وانتقل مع والده إلى الموصل واشتغل وحصل العلوم وحفظ القرآن وشيئا من الحديث وطرفا من النحو واللغة وعلم المعاني والبيان ولم حصل هذه الأدوات قصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وكان شابا فاستوزره لولده الأفضل علي وحسنت حاله عنده ولما توفي السلطان واستقل ولده الأفضل علي بالملك وأقام بدمشق استقل ضياء الدين بالوزارة واعتمد عليه في جميع المصالح ولما أخذت دمشق من الأفضل وانتقل إلى صرخد كان ضياء الدين قد أساء المعاملة إلى أهل دمشق فهموا يقتله فأخرجه الحاجب محاسن بن عجم مستخفيا في صندوق مقفلا عليه ثم صار إليه وصحبه إلى مصر لما أستدعي الأفضل لنيابة ابن أخيه الملك المنصور ولما قصد العادل مصر وأخذها من ابن أخيه خرج الفضل من مصر ولم يخرج ضياء الدين معه خوفا على نفسه من جماعة كانوا يقصدونه فخرج منها متسترا وغاب عن الأفضل مديدة فلما استقر الأفضل في سميساط عاد إلى) خدمته وأقام عنده مدة ثم إنه فارقه واتصل بخدمة أخيه الظاهر غازي صاحب حلب فلم يطل مقامه عنده وخرج مغاضبا وعاد إلى الموصل فلم يستقم له حال فسافر إلى سنجار ثم عاد إلى الموصل واتخذها دار إقامته وولع بالحط على الأوائل الكبار مثل الحريري والمتنبي وغيرهما وبالغ في الغض من القاضي الفاضل وشحن تصانيفه بالحط عليه والهزء به فما أحب الناس منه ذلك وردوا عليه أقواله وزيفوها وسفهوا رأيه ومن مضحكات الدنيا وعجائبها أن ابن الأثير يعيب كلام القاضي الفاضل وله من تصانيفه بالحط المثل السائر وقد رزق فيه السعادة ورد عليه عز الدين بن أبي الحديد في كتاب سماه الفلك الدائر على المثل السائر ورد على ابن أبي الحديد بعض الأفاضل في كتاب سماه قطع الدائر ووضعت أنا كتابا سميته نصرة الثائر على المثل السائر وانتصفت منه للفاضل وللحريري وللمتنبي ولابن الأثير كتاب الوشي المرقوم في حل المظلوم و كتاب المعاني المبتدعة وله غرة الصباح في أوصاف الإصطباح و كتاب الأنوار في مدح الفواكه والثمار وله غير ذلك ونظمه قليل جدا ومولده سنة ثمانين وخمسمائة وتوفي سنة
(٢٤)