تقلصت عنها ظلالها وفاء أفياؤها وما كانت سلامتها السالفة إلا بنظرها لطلعته الميمونة ولاكتحالها بغبار موكبه الذي السعادة به مقرونة والصحة به مضمونة لا مظنونة وما فرج الله عنه إلا بأدعية مولانا التي تخلصه كل وقت من العقابي والعقبات وتحرسه من بين يديه ومن خلفه بمعقبات وما أذهب عنه غير رمده وكمل له عافية جسده إلا سعيه إلى الدار الكريمة وتقبيل الأرض بين يدي سيدنا الأجل الأشرف أعلى الله قدره وإمرار يده الشريفة على مقلته وجلا ناظره بنور غرته وتهنئته بهذا الشهر الشريف عرف الله مولانا بركة أيامه وأعانه على ما فرض على نفسه من صيامه وقيامه وأراه فيه من البركات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وجعل من نعمة عليه فيه الصحة التي لا طمحت نفس الأمراض إلى زوالها عنه ولا طمعت وألبسه فيه العافية فإنها أشرف لباس ولا نزع عنه سرابيلها فإنها التي تقي الحر وتقي البأس وتقبل الله فيه أدعيته ولو قال وأدعية الخلائق فيه لكان قد خلط الأعلى بالأدون ومزج الأعز بالأهون لأن أدعيته أدام الله أيامه يحملها الروح الأمين وتكتبها ملائكة اليمين وتتعطر بها أفواه المقربين وترد حظيرة القدس فلا يضرب دونها حجاب وتصل إلى جنة عدن فتجدها مفتحة الأبواب ولا يقصد بها الدار الأخرى ولا يبتغي بها الحياة الدنيا ولا يرجو بها إلا أن تقرببه إلى الله زلفى وأدعية الخلائق له فإنما هي لأنفسهم لأن بقاءهم معذوق ببقائه وسلامتهم مرتبطة بسلامة حوبائه وأرزاقهم واصلة إليهم من نعم ويعود إلى تمام حديث رمده وإلى بشارة مولانا بأن شفاعة أدعيته له قد قبلت وأن بركة هذا الشريف قد عادت عليه بعوائد فضل ربه وفكت ناظره من إسار كربه إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم وما سطر خدمته إلا بعد أن زال ألمها وانفش ورمها وخمدت جمرتها وذهبت حمرتها وظهر إنسانها وجفت أجفانها ورقأت دموعها وعاد إليها هجوعها وكملت بحمد الله صحتها ونقيت بحمد الله صفحتها وقد ذخرها المملوك ليفدي بها مواطىء مولانا إن رضها لفدائه أو أن يهبها لمن يبشره بإيابه ويهنئه بلقائه وجعلها سراجا يهتدي به إلى تسطير مدائح مولانا وتحبيرها وتصنيف سيرة دولته الفاضلية) وتفسيرها وتاب إلى الله أن ينسب إلى عينه ما يدعيه الشعراء في شعرهم وينحوه الكتاب في نثرهم من أن نومها مفقود وأن هدبها بالنجم معقود وأن جفنها بالسهاد مكحول وأن سوادها بالدمع مغسول وأن ربعها بالقذى مأهول أو أنها رأت الطيف وما كانت رأته أو قرأت ما في وجه الحبيب وما كانت قرأته إلى غير ذلك مما يزخرفونه من زورهم ويطلقون به ألسنتهم لغرورهم فعسى يمحى بهذا الحديث ذاك القديم وسوى ذلك فالحديث الذي يأكل الأحاديث أن الأيام كانت تحس معه في بعض المعاملة وتجامله بعض المجاملة ولا تسقيه
(١٤١)