الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣٦
كتاب الإنشاء بمصر وأجري له على ذلك رزق كان يتناوله حضر الديوان أو لم يحضر وأحبه أهل الدولة لدماثة كانت فيه وحسن عشرة وتودد ورب المال محبوب فسار له ذكر جميل قال العماد الكاتب كنت عند القاضي الفاضل بخيمته بمرج الدلهمية فأطلعني على قصيدة عينية كتبها إليه ابن سناء الملك من مصر وذكر أن سنه لم يبلغ العشرين سنة فأعجبت بنظمها ثم ذكر القصيدة وأولها * فراق قضى للقلب والهم بالجمع * وهجر تولى صلح عيني مع الدمع * وقال ياقوت الحموي حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم قال كان سناء الملك واسمه رزين رجلا يهوديا صيرفيا بمصر وكانت له ثروة فأسلم ثم مات وخلف ولده الرشيد جعفرا وكان له مضاربات وقروض وتجارات اكتسب بها أموالا جمة ولم يكن عنده من العلم ما يشتهر إلا أنه ظفر بمصر بجزء من كتاب الصحاح الجوهري وهو نصف الكتاب بخط الجوهري نفسه فاشتراه بشيء يسير وأقام عنده محروسا عدة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجل أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري فعرضه على كتبي بمصر فقال له نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك فجاءه به وقال هذا نصف الكتاب الذي عندك فإما أن تعطيني النصف الذي عندك وأنا أدفع إليك وزنه دراهم فجعل الرشيد يضرب أخماسا لأسداس ويخاصم نفسه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزن له ما أراد وكان مقدارها خمسة عشر دينارا وبقيت النسخة عنده ونشأ له السعيد ابنه هبة الله فتردد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البهنسي النحوي وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل وكان عنده قبول وذكاء وفطنة وعاشر في مجلسه رجلا مغربيا كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال فوقفه على أسرارها وباحثه فيها وكثر حتى انقدح له في عملها ما زاد على المغاربة حسنا وتعانى البلاغة والكتابة ولم يكن خطه جيدا انتهى قلت وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه وفيه يقول ابن الساعاتي وكتب ذلك على كتابه مصايد الشوارد * تأملت تصنيف هذا السعيد * وإني لأمثاله ناقد * * فكم ضم بيت نهى سائرا * وصيد به مثل شارد * * وفي عجب البحر قول يطول * وأعجبه ضفدع صائد *) وفيه يقول أيضا وقد سقط عن بغل له كان عاليا جدا ويسمى الجمل * قالوا السعيد تعاطى بغله نزقا * فزل عنه وأهل ذاك للزلل *
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»