الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٨٨
رسم بالأمر العالي ولا زال يزيد الأولياء زينا ويزين الأكفاء بمن إذا حل صدرا كان عينا ويرتجع لكل مستحق ما كان له في ذمة الزمان دينا أن يستقر المجلس العالي الزيني في كذا لأنه الكاتب الذي دبج المهارق ورقم طروسها فكان لها نظرات الحدق ونضارة الحدائق وخط سطورها التي إذا رملها غدت من الحسن كالريحان تحت الشقائق وصرع بها أطيار المعاني لأن دالات السطور قسي والنقط بنادق وزان آفاقها بنجوم أسجاعه فلم يصل أحد إلى درجات فصاحتها لما فيها من الدقائق وأصدرها في الروح والروع يرجى الحيا منها وتخشى الصواعق وأودعها نفائس إنشائه فأثنى عليها أئمة البلاغة ولو سكتوا أثنت حقائب الحقائق طالما كتب بالأبواب الشريفة تقليدا وجهز في المهمات كتبا ملأت البحر حربا والبر بريدا ووشى أمثلة صدرت عنها فطارت في الآفاق ولكن أوثقتها الأفهام تقييدا وعاد الآن إلى الشام فنفس عنها خناق الوحشة بقربه وتلقته بالرحب علما بأنها تغنى عن الكتائب بكتبه وأحلته في رتبة يسر فيها الولي بسلمه ويسوء العدو بحربه شوقا إلى أنس ألفته من لطفه وعرفته من عرفه في نفح عرفه فطاب به الواديان كلاهما وتنافسا في أخذ حظيهما من قربه فما تسهلا تساهما فهو من القوم الذين تشقى البقاع بهم وتسعد وإذا قربوا من مكان تخطاهم السوء للأبعد وإذا قاموا بمهم كانوا به أقعد وإذا باشروا المعالي كانوا أسعد الناس وأصعد وإذا كتبوا كبتوا العدى لأن كلامهم لمع فأبرق وطرسهم قعقع فأرعد فليباشر ذلك على ما عهد من أدواته الكاملة وكلماته التي تركت محاسن البرايا بائرة وأزاهر الخمائل خاملة والوصايا التي تملى كثيرة وكم شرع لها قرطاسه وشرعها بأقلامه ونضد عقودها بإحكام أحكامه وملأ بجيوشها صدور مهامه فما يلقى إلى بحره منها درة ولا يذكر لطود فضله منها ذرة ولا) يطلع القلم في أفق فضل كله شموس من ذلك بدره ولا يدل مثله على صواب فقبيح بالعوان أن تعلم الخمرة ولكن لا بد للقلم من لفتة جيد وفلتة نفث تكون كالخال في الوجنة ذات التوريد وهي الذكرى بتقوى الله تعالى التي من عدمها فقد باء بخسران متين ومن لزمها فقد جاء بسلطان مبين والله يتولى رفعة مجده وسعة رفده والخط الكريم أعلاه حجة بالعمل بمقتضاه ومولده سنة ثلاث وتسعين وست مائة وبيني وبينه مكاتبات كثيرة تشتمل على نظم ونثر ولم يحضرني الآن منها شيء وذهنه جيد يتوقد ذكاء وكتابته أصيلة منسوبة وعربيته جيدة وقد أتقن مصطلح الديوان وحرره فهو الآن من كتاب الزمان
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»