الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٧ - الصفحة ١٤٥
جبلة في الارتفاع وقد استدار بالجبل وأحدق وأضحى لعالي سوره كالخندق لا يسلكه إلا ملك أو شيطان ولا يصل إلى قرارته ولا منها إلا بأمراس ومراس أشطان من الوافر * سحيق ساخ في الأرضين حتى * حكى في العمق أودية الجحيم * * ولاح الدوح والأنهار فيه * فخلنا ثم جنات النعيم * وعندما أشرفنا عليه حمدنا التأويب لا السرى ورأينا ما لم ير بشعب بوان ولا وادي القرى فأجمعنا على النزول إلى قراره والمبيت بمخيم أشجاره فتحدرنا إلي تحدر السيل ونزلنا إلى بطون شعابه على ظهور الخيل ولم نزل تارة نهوي هوي القشاعم وننساب آونة الأنساب الأراقم إلى أن انقطعت أنفاسنا وأنفاس الهوا واحتجب عنا عين الشمس وكاد يحتجب وجه السما ولما بلغنا منتهاه بطريق غير مسلوك ونزلنا كما يقول العامة إلى السيدوك إذا هو واد يذهل لحسنه الجنان وكأنما هو في الدنيا أنموذج الجنان وقد امتدت سماؤه غصونا عندما هب الهواء وفجرت أرضه عيونا فالتقى الماء من الوافر * فبتنا والسرور لنا سمير * وماء عيونه الصافي مدام * * تساوه النسيم إذا تغنت * حمائمه ويسقيه الغمام * ولما طلع الصباح علينا طلعنا ودعا داعي السرور فسمعنا وأطعنا وتعلقنا بذيل الجبل وسققنا فروج المساهب وعلونا عاتقه حتى كدنا نلمس عليه عقود الكواكب ولما طرنا إليه طيران البزاة إلى الأوكار وصعدنا عليه صعود السراة على الأكوار تكشف للعين وتكسف فقلت لها مجاوبا ومنصف من المتقارب * إذا كنت في الليل تخشى الرقيب * لأنك كالقمر المشرق * * وكان النهار لنا فاضحا * فبالله قل لي متى نلتقي * فقالت إذ جنحت شمسي للمغيب فإياك يرى طيفي من النجوم رقيب أو يشوب شباب ذلك) الليل من أضوائها مشيب وعليك بسواد الجفون فكون منه ليلا وسويداء القلوب فأسدل منه ذيلا وانتظار زيارة الطيف ولا تجعل غير روحك قرى ذلك الضيف فأبت إلى فهمي وراجعني حلمي وأهديت إليها ليلا من المداد أستزير في جنحه طيف خبالها وأستطلع في غسقه بدر كمالها وجعلته كخافيه الغراب وكشعار الشعر أيام الشباب من السريع * كأنما قد ذاب فيه اللمى * أو حل فيه الحجر الأسود *
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»