الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٧ - الصفحة ١٤٢
الإخلال إلى أن تعارضت أدلة الرسائل وتزاحمت الغربان على ورود تلك المناهل فقلب المملوك وجهه في سماء سماتها وأسام فكره في أريض روضاتها قائلا للجوهر الفاخر أنت قريب العهد من تلك البحار وللنضار أنت بعض هاتيك النسمات وللعبير لا تقل أنا ضائع نعم عند شذا تلك النفحات وللنظم والنثر أنتما جنى غصون تلك الأقلام وللحمد والشكر أنتما كمام ذلك الفضل والإنعام فحار كل جوابا وغدا لا يملك خطابا وأبى مشاكلة تلك الفضائل واستسقى سحائب تلك البلاغة التي إذا قالت لم تترك مقالا لقائل والإصغاء إلى أوصافها والتسليف على سلافها فشغف بها حبا وصار بمحاسنهاصبا ودعاه إليها جمالها البديع وأغراه بحسنها الذي لها منه أكرم شفيع من الطويل * وقال له بدر السماء ألا اجتلي * وقالت له تلك الثمار ألا اجتني * * وساعده من ذلك الأمر معتل * وساعده من ذلك الفجر معتني * * وشاهد من تلك الفضائل ما غدا * يميس به عطف الزمان وينثني * * فضائل مثل الروض باكره الحيا * فمغناه من تنويل كف الندى غني * فسام وصالها فأعرض ونأى بجانبه ورام قربهافسد عليه الإجلال أبواب مطالعه ومطالبه قائلا لست يا اين السبيل من هذا القبيل من الطويل * ألا إنما نحن الأهلة إنما * نضيء لمن يسري إلينا ولا نقري * * فلا منح إلا ما تزود ناظر * ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري * فتعلل بأحاديث المنى وقال زور الزيادة وبالرغم مني فقالت القناعة غنى ومن لم يجد ماء طهورا تيمما ثم ثبت إلى عطف أوصافها الجميلة وقالت قد رأيت لك مزيد قصدك وإلا أنا بالطيف على غيرك بخيلة فشكرت لها ذلك الإنعام وقلت أيكون ذلك نهارا أو ليلا هذا على تقدير وجود المنام فقالت أوليس الليل هو حلة البدر الأكلف أم النهار ولا يأنف على شمسه أن ما بناه ضربه بمرماه الصائب بل نبغ وهذا نسيم الروضة التي أطاعهاعاصيها وثمر الجنة) التي كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فيها وهذه البلاغة التي كنت بالإتحاف بها موعودا وهذه الفواضل والفضائل التي حققت أن في الناس مجدودا ومحدودا ومسعودا ومبعودا ولمحه المملوك فقال هذا نور أم نور وهذا ما ينسب إلى ما يستخرج من أصداف البحور ويجعل في أطواق أعناق النحور من الحور ولم يرأحلى من تشبيهه وإن جل عن التشبيه ولا أحلى من بلاغته البالغة بما فيه من فيه ولماشاهد من معجزها ما بهرحمد وشكر ورام مجادلتها فعجز عنها جواد القلم فقصر وعثر وسولت له نفسه الإضراب عن الإحالة في الإجابة ولو وفق لرأيه لأصابه وإنما حداه إلى التعرض لنداه يحققه بأنه لم يكن في بيته
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»