الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٧ - الصفحة ١٤٤
واثقا بأن قد هزمت الأحزاب وغلبت الروم لكن الجزم يوجب للقلوب أن تكون هذه الدنيا خائفة والعزم يقتضي أن توجد راجية وأن يتحقق أن فرقه لم يفارق الإسلام والركاب الشريف هي الناجية وكنت بتلك المدة أستريح من الغموم إلى النبت العميم وأسائل من ألقاه من الوفود حتى وفد النسيم فخطر لي في بعض الأيام أن أكر بطرف طرفي في ميادين الفضا وأن أجرد سيف عزمي لقطع مواصلة الهموم فإنه معروف بالمضا فخرجت أجيله في مساري الغمام وهو يتمطر وأميله عن محال الوعول ومجاري السيول وهو لطول الجمام يتقطر وكان فيمايجاور المدينة من الحيط الغيط جبل يسمى بالخيط يشاكل خيط الصبح في امتداده ويماثل جناح الجنح بكثرة ظلال نجمه وشجره وسواده قد شمخ بأنفه على وجه الأرض ورفع رأسه فشق السماء بالطول وشق الأرض بالعرض قام الدوح على رأسه وهو جالس وتبسم البلج في وجهه وهو عابس من الطويل * وقور على مر الليالي كأنما * يصيخ إلى نحوي وفي أذنه وقر * يمسح بكلف الثريا عن أعطافه ويدير منطفة الجوزاء على أرادفه فعزمت على أن أستظل بذروته وأستظل من ذورته فدعوت جماعة من أصحابي كنت في السفر أرافقهم وفي الحضر ألازمهم فقلما أفارقهم وقد انتظموا في المودة انتظام الدر في الأسلاك واتسقوا في الصحبة اتساق الدراري في الأفلاك من الطويل * وقد كثروا عدا ولكن قلوبهم * قد اتفقت ودا على قلب واحد * يتجارون إلى الفضائل كتباري الجياد ويهتزون إلى الفضائل اهتزاز الصعاد قد نجنبوا المشاققة والمحاققة والتزموا بشروط الموافقة والمرافقة فذكرت لهم خطر لي من العزم فكلهم أشار بأن الحزم في الجزم فسرنا والشمس قد رفع حجاب الظلام عنها وقد تراءت حسنا وراق شبابا وشاب جانب منها وكنا في فصل الربيع قد رق حسنا وراق شبابا وشاب عارضه) بالزهر على صبي فجعل له الظل خضابا قد اكتست أرضه وأشجاره واستوت في الطيب هواجره وأسحاره من الوافر * نجيب القوم واضاح المحيا * أنيق الروض مصقول الأديم * فلم نزل نمر مر السحاب ونقف للتنزه وقوف السراب حتى أشرافنا على واد لا يعرف قعره ولا يسلك وعره قد نزل عن سمت الأودية والبقاع وأخذ في الانحطاط نظير ما أخذ
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»