وهيبة السلطنة وكان إلى جوده وبذله الأموال في أغراضه المنتهى تخافه الملوك في أقطارها أباد جماعة من كبار الدولة وكان ومنهمكا على اللذات لا يعبأ بالتحرز على نفسه لفرط شجاعته توجه من القاهرة في ثالث المحرم سنة ثلاث وتسعين وست مائة هو والوزير شمس الدين بن السلعوس وأمراء دولته وفارقه وزيره من الطرانة إلى الإسكندرية وعسف فيها وظلم وصادر الناس ونزل الأشرف بأرض الحمامات للصيد وأقام إلى يوم السبت ثالث عشر المحرم فلما كان وقت العصر وهو بتروجه حضر نائب السلطنة بيدرا وجماعة من الأمراء وكان الأشرف أمره بكرة أن يمضي بالدهليز ويتقدم ليتصيد هو ويعود عشية فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشل أمير شكاره فابتدره بيدرا فضربه بالسيف قطع يده فصاح حسام الدين لاجين عليه وقال من يريد الملك تكون هذه ضربته وضربه على كتفه حله فسقط إلى الأرض ولم يكن معه سيف بل كان مشدود الوسط بالبند ثم جاء سيف الدين بهادر رأس نوبة فأدخل السيف من أسفله وشقه إلى حلقه وتركوه طريحا في البرية والتفوا على بيدرا وحلفوا له وساق تحت العصائب يطلب القاهرة وتسمى فيما قيل بالملك الأوحد وبات تلك الليلة وأصبح يسير فلما ارتفع النهار إذا بطلب كبير قد أقبل يقدمه زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ الدار يطلبون بيدرا بدم أستاذهم وذلك بالطرانة فحملوا عليه فتفرق عنه أكثر من معه وقتل في) الحال وحمل رأسه على رمح وجاؤوا إلى القاهرة فلم يمكنهم الشجاعي من التعدية وكان نائب السلطنة في تلك السفرة فأمر بالشواني كلها فربطت إلى الجانب الآخر ونزل الجيش على الجانب الغربي ثم مشت بينهم الرسل على أن يقيموا في السلطنة الملك الناصر محمدا أخا الأشرف فتقرر ذلك وأجلسوه على التخت يوم الاثنين رابع عشر المحرم وأن يكون كتبغا أتابكه ووزيره الشجاعي واختفى حسام الدين لاجين وقراسنقر المنصوري وغيرهما ممن شارك في قتلته قال شمس الدين الجزري حدثني الأمير سيف الدين أبو بكر المحفدار قال كان السلطان رحمه الله قد نفذني بكرة إلى بيدرا بأن يتقدم بالعساكر فلما قلت له ذلك نفر في وقال السمع والطاعة كم يستعجلني ثم إني حملت الزردخاه والثقل الذي لي وركبت فبينا أنا ورفيقي صارم الدين الفخري وركن الدين أمير جاندار عند الغروب وإذا بنجاب قد أقبل فقلنا له أين تركت السلطان فقال يطول الله أعماركم فيه فبهتنا وإذا بالعصائب قد لاحت وأقبل الأمراء وبيدرا في الدست فجئنا وسلمنا وسايره أمير جاندار وقال له يا خوند هذا الذي تم كان بمشورة الأمراء قال نعم أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم وهاهم حضور وكان من جملتهم حسام الدين لاجين وبهادر رأس نوبة وقراسنقر وبدر الدين بيسري ثم إن بيدرا شرع يعدد ذنوبه وإهماله لأمور المسلمين واستهتاره بالأمراء وتوزيره لابن السلعوس ثم قال رأيتم الأمير زين الدين كتبغا قلنا
(٢٥٠)