الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٩
وأما ذهنه فيتوقد ويعلو في الذكاء إلى أن يسمو على الفرقد وما يخلو معرفة مسائل في أصول الدين وغير ذلك من عقليات في الطبيعي وغيره وفيه هشاشة وطلاقة وجه وكرم نفس وعدم مبالاة بحوادث الزمان قل أن رأيته اغتاظ من شيء وتوجه إلى الحجاز سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بعدما وقفت على قصيدتين بخطه نظمهما في مكة والمدينة وله أمداح من الموشحات وغيرها في النبي صلى الله عليه وسلم ولي به أنس كثير حضر إلى صفد بعد أن خرجوا منها أولا مع والده وهو ناظر الجيش ووالده ناظر المال في آخر أيام الأمير سيف الدين أرقطاي ثم توجه إلى حلب وكتب الدرج بحلب وبطرابلس وولي نظر قلعة المسلمين ثم أعيد إلى نظر الجيش أيام الأمير سيف الدين طشتمر ثم أعيد إلى نظر قلعة الروم ثم إنه تولى نظر الدواوين بحماة المحروسة في أوائل سنة خمس وأربعين وسبعمائة فكتبت إليه من القاهرة كتابا وفيه أبيات شذت عني وقد عدمتها الآن لفظا ولكن المعنى باق وهي من السريع * يا شرف الدين الذي جوده * قد غمر الحاضر والغائبا * * جئت حماة بعدما قد غدا * مليكها عن ربعها ذاهبا * * بالأمس قد كانت بلا صاحب * واليوم أصبحت بها صاحبا * لأنه ورد إليها أيام النواب بعد خروجها عن حكم ملوكها ونظار مالها يدعون بالصاحب على العادة في أيام ملوكها وطلب إلى مصر وهو ابن بكتاش مشد الديوان وعاد إليها على عادته وأقام بها إلى أواخر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وتوجه إلى مصر وعاد إلى حلب موقعا في الدست وناظر القلاع في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة وكان قد سافر إلى مصر مع والده واجتمع بالشيخ أثير الدين أبي حيان وبحث عليه في ألفية ابن مالك وأجازه وبحث على ابن حيان درسا في الحاجبية وأجازه) وبيني وبينه مكاتبات كثيرة إلى الغاية ومراجعات تخجل أصوات الساجعات من ذلك ما كتبه إلي وأنا بالرحبة من الكامل * قرت بمنصبك الجليل عيون * ورنت إليك من السعود جفون * * وأتتك من رتب السعادة غادة * يسبيك منها الحاجب المقرون * * ودعتك للرتب العلية فارقها * في نعمة وقرينك التمكين * * واصعد إلى درج المعالي راقيا * أعلى العلا فلأنت ثم أمين * * والبس بها الخلع النفيسة دائما * ولك السعادة في الأمور تعين * * فلسوف تعلو بعدها ويطير من * أرجائها لك طائر ميمون *
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»