الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
وأجرت قلم كرمه وأحرزت كل إحسان ونشرت علم علمه وأدخلت تحته كل فاضل وأرهف شبا حده وقطعت به كل مناظر وكل مناضل وقالت للسحاب وقد طبق إليك فإن البحر قد جال وللنوء وقد أغدق تنح فإن الطوفان قد حصر أرجال وللرعد وقد صرخ اسكت فقد آن لهذه الشقائق أن تسلت وللبرق وقد نسخ آية الليل استدرك غلطك لئلا تبكت أما ترى هذه العلوم الجمة وقد زخر بحرها وأثر في الألباب سحرها وهذه الفضائل وكيف تفننت فنونها عيونها وتهدلت بالثمرات أفنانها وزخرفت بالمحاسن جنانها وهذه الألمعية وكيف ذهبت الأصائل وهذه اللوذعية وما أبقت مقالا لقائل وهذه الفاضل وقد ذبالها وتقدد بها أديم الظلم وتشقق سربالها وهذه البراعة التي فاضت فكل منها سكران طافح وهذه الفصائح وما غادرت بين الجوانح وهذه البلاغة وقد سالت بأعناق المطي بها الأباطح وهذه الصناعة وقد استعين إلا رابح وهذه الحكم البوالغ وهذه النعم السوابغ وهذه الديم التي لا يملأ حوضها من إناء فارغ وهذه الشيم التي لو تنكرت ثم مزجت بالفرات لما سرت لسائغ وهذه الهمم التي برقت بتوجهه فكسفت عناية عارضها وكفت غواية البرق وقد ولع وخط مشيبه بخط عارضها حتى جلاها وأضحاها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ونفخ رماد سحابها المنجلي عن اللهب وصفح جوها الفضي وسمرته الشمس بالذهب وجلا صدأ تلك الليلة عن صفيحة ذلك اليوم المشمس وبدل بذلك الضوء المطمع من ذلك الغيم المؤيس ونقى لازورد السماء من تلك الشوائب ووقى عرض ذلك النهار اليقق من المعايب وأترع غدير ذلك الصباح خالصا من الرنق وضوع عنبر ذلك الثرى خاليا من اللثق وأطلع شمس ذلك اليوم يوشع جانب مشرقها ويوشي بذائب اللهب رداء أفقها فقلت * كأنما اليوم وقد موهت * مشرقها الشمس ولا جاحد * * ثوب من الشرب ولكنه * طرز منه كمه الواحد * أستغفر الله بل بشر ذلك البشير بل الملك الكريم وصفيحة وجهه المتهلل الوسيم بل صحيفة عمله وصبيحة عمله وصبيحة أمله وأنموذج إيثاره وصنو يده البيضاء وآثاره وشبيه ما بفضة لؤلؤه من نثاره وغير هذا من ندى أياديه البيض على لإقلال العد أو أكاره لله تلك اليد) المقبلة ولله تلك اليد المؤملة ولله تلك المواهب المجزلة ولله تلك الراحة التي لا يقاس بها الثريا ولا تجيء الجوزاء أنملة ولله ذلك البين الساحر وذلك البنان الساخر وذلك اللسان المذرب والبحر الزاخر وذلك إلا لسان الذي طال باع علمه وطار فأوقد ضرام اليوم المشمس شعاع فهمه وطاب جنى ثمره وجناب حلمه وطاف الأرض صيته ونفق كاسد الفضائل باسمه ولله لله لسيد جاء بالفضل كله وألى بالمر على جله واقتبس من نوره وأوى إلى ظله لقد ألبس المملوك رداء الفخار وعرفه العوم وكان لا يطمع أن يشق بحره الزخار ومحا عنه صبغ دجنة تلك الليلة وقصر من ذيلها وقهقر من سيلها وأخذ بعقيصتها وغرق في تيار النهار ليلها
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»