وفقيرهم ونودي بالرحيل إلى مصر في الأسواق وضج النساء والأطفال وغلقت أبواب دمشق واقتسم الناس قلعة دمشق بالشبر ووقع على غيارة التتار يزك حمص فكسروهم وقتلوا منهم نحو مائة وصحت الأخبار برجوع غازان من حلب فبلع الناس ريقهم وهلك كثير من التتار بحلب من الثلج والغلاء وعز اللحم بدمشق فأبيع الرطل بتسعة دراهم ثم دخل الأفرم والأمراء من المرج بعد ما أقاموا به أربعة أشهر واستقر حال الناس بعد ذلك وفي شهر شعبان ألبس النصارى الأزرق واليهود الأصفر والسامرة الأحمر وسبب ذلك ان مغربيا كان جالسا بباب القلة عند الجاشنكير وسلار فحضر بعض الكتاب النصارى بعمامة بيضاء فقام له المغربي يتوهم أنه مسلم ثم ظهر له أنه نصراني فدخل إلى السلطان وفاوضه في تغيير زي أهل الذمة ليمتاز المسلمون عنهم وفي ذلك يقول علاء الدين علي بن مظفر الكندي الوداعي ومن خطه نقلت * لقد ألزم الكفار شاشات ذلة * تزيدهم من لعنة الله تشويشا * * فقلت لهم ما ألبسوكم عمائما * ولكنهم قد ألزموكم براطيشا * وقال أيضا * غيروا زيهم بما غيروه * من صفات النبي رب المكارم *) فعليهم كما ترون براطيش ولكنها تسمى عمائم وقال أيضا * لقد البسوا أهل الكتابين ذلة * ليظهر منهم كل من كان كامنا * * قلت لهم ما ألبسوكم عمائما * ولكنهم قد ألبسوكم لعائنا * وفي ذلك يقول شمس الدين الطيبي وهو أحسن من الأول * تعجبوا للنصارى واليهود معا * والسامريين لما عمموا الخرقا * * كأنما بالأصباغ منسهلا * نسر السماء فأضحى فوقهم ذرقا * وفي جمادى الأولى سنة إحدى وسبع مائة توفي أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي ودفن عند الست نفيسة وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في الأحمدين وتولى الخلافة أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بولاية العهد إليه من والده الحاكم وقرئ تقليده بعد عزاء والده وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف السين في مكانه وفي سنة اثنتين وسبع مائة فتحت جزيرة أرواد وهي بقرب انطرسوس وقتل بها عدة من الفرنج ودخلوا بالأسرى وهم ما يقارب الخمسين أسيرا إلى دمشق وفي شعبان من السنة عدت التتار الفرات وانجفل الناس وخرج السلطان بجيوشه مكن مصر وفي عاشر شعبان كان المصاف بين التتار والمسلمين بعرض ان المسلمون ألفا وخمس مائة وعليهم أسندمر واغرلوا العادلي وبهادرآص وكان التتار نحوا من أربعة آلاف فانكسروا وقتل منهم خلق كثير وأسر مقدمهم ثم دخل من المصريين خمس تقادم وعليهم الجاشنكير والحسام أستاذ الدار ثم دخل بعدهم ثلاثة آلاف
(٢٥٥)