الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٧
وقد نظم الناس في هذه الواقعة ومن أحسن ما وقفت عليه في ذلك قول شمس الدين الطيبي وهي تقارب المائة بيت ولكن هذا الذي وجدت منها وهو * برق الصوارم للأبصار يختطف * والنقع يحكي سحابا بالدما يكف * * أحلى وأغلى قيمة وسنا * من ريق ثغر الغواني حين يرتشف * * وفي قدود القنا معنى شغفت به * لا بالقدود التي قد زانها الهيف * * ومن غدا بالخدود الحمر ذا كلف * فإنني بحدود البيض لي كلف * * ولأمة الحرب في عيني أحسن من * لام العذار الذي في الخد ينعطف * * كلاهما زرد هذا يفيد وذا * يردي فشانهما في الفعل يختلف * * والخيل في طلب الأوتار صاهلة * ألذ لحنا من الأوتار تأتلف * * ما مجلس الشرب والأرطال دائرة * كموقف الحرب والأبطال تزدلف * * والرزق من تحت ظلا لرمح مقترن * بالعز والذل يأباه الفتى الصلف * * لا عيش إلا لفتيان إذا انتدبوا * ثاروا وإن نهضوا في غمة كشفوا * * بقي بهم ملة الإسلام ناصرها * كما يقي الدرة المكنونة الصدف * * قاموا لقوة دين الله ما وهنوا * لما أصابهم فيه ولا ضعفوا * * وجاهدوا في سبيل الله فانتصروا * من بعد ظلم ومما ساءهم أنفوا * * لما أتتهم جموع الكفر يقدمهم * رأس الضلال الذي في عقله حنف * * جاءوا وكل مقام ظل مضطربا * منهم وكل مقام بات يرتجف * * فشاهدوا علم الإسلام مرتفعا * بالعدل فاستيقنوا ان ليس ينصرف * * لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا * خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا * * يا مرج صفر بيضت الوجوه كما * فعلت من قبل الإسلام يؤتنف * * أزهر روضك أزهى عند نفحته * أم يانعات رؤس فيك تقتطف * * غدران أرضك قد أضحت لواردها * ممزوجة بدماء المغل تغترف * * زلت على كتف المصري أرجلهم * فليس يدرون أنى تؤكل الكتف) * (آووا إلى جبل لو كان يعصهم * من موج فرج المنايا حين يختطف * * دارت عليهم من الشجعان دائرة * فما نجا سالم منهم وقد زحفوا * * ونكسوا منهم الأعلام فانهزموا * ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا * * ففي جماجمهم بيض الظبي زبر * وفي كلاكلهم سمر القنا قصف * * فروا من السيف ملعونين حيث سروا * وقتلوا في البراري حيثما ثقفوا *
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»