وتسعين وست مائة فدخل دمشق في ثامن شهر ربيع الأول بعدما طول الإقامة على غزة وأقام في قلعة دمشق تسعة أيام وعدى قازان والتتار الفرات وخرج السلطان لملتقى العدو وساق إلى حمص وركب بكرة الأربعاء سابع عشرين الشهر المذكور وساق إلى وادي الخزندار فكانت الوقعة والتحم الحرب واستحر القتل ولاحت إمارات النصر للمسلمين وثبتوا إلى العصر وثبت السلطان والخاصكية ثباتا كليا فانكسرت ميمنة المسلمين وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ وكان الجيش بضعة وعشرين ألفا والتتار قريبا من مائة ألف فيما قيل وشرعوا في الهزيمة واخذ الأمراء السلطان وتحيزوا به وحموا ظهورهم وساروا على درب بعلبك والبقاع وبعض العسكر المكسور عبروا دمشق واستشهد بالمصاف جماعة من الأمراء وخطب بدمشق للملك مظفر الدين محمود قازان ورفع في ألقابه وتولى الأمير سيف الدين قبجق النيابة عن التتار بدمشق وملك قازان دمشق خلا القلعة فإن ارجواش قام بحفظها وأبان عن حزم عظيم وعزم قويم وجبى التتار الأموال من دمشق وقاسى الناس منهم شدائد وأهوالا عظيمة وكان إذا قرروا على الإنسان عشرة آلاف درهم ينوبه ترسيم المغل القان وقرر على كل سوق شيء من المال واستخرجوه بالضرب والإحراق وكان ما حمله وجيه الدين ابن المنجا إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وست مائة ألف درهم خلاف ما ناب الناس من البرطيل والترسيم ولم يزل قازان بالغوطة نازلا إلى ثاني عشر جمادى الأولى فرحل طالبا بلاده وتخلف بالقصر نائبه خطلوشاه في فرقة من الجيش وفي رجب جمع قبجق العيان والقضاة إلى داره وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وعدم المداجاة ثم إن قبجق توجه هو والصاحب عز الدين ابن القلانسي إلى مصر في نصف رجب وقام بحفظ المدينة وأمر الناس ارجواش وفي يوم الجمعة سابع عشر شهر رجب أعيدت الخطبة للملك الناصر وكان مدة إسقاط ذلك مائة يوم وأما السلطان فإنه دخل بعد الكسرة إلى مصر وتلاحق به الجيش ونفق في العساكر واشتريت الخيل وآلات السلاح بالثمن الغالي) وفي يوم عاشر شعبان قدم الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق وقدم أمير سلاح والميسرة المصرية ثم دخلت الميمنة ثم دخل القلب وفيهم سلار وتوجه سلار بالجيوش إلى القاهرة ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار وانجفل الناس إلى مصر وإلى الحصون وبلغ كراء المحارة إلى مصر خمس مائة درهم ثم فترت أخبار التتار في شهر ربيع الأول سنة سبع مائة ثم دخل التتار إلى حلب وشرع الناس في قراءة البخاري وقال الوداعي في ذلك ومن خطه نقلت * بعثنا على جيش العدو كتائبا * بخارية فيها النبي مقدم * * فردوا إلى الاردو بغيظ وخيبة * واردوا وجيش المسلمين مسلم * * فقوا لهم عودوا نعد ووراءكم * إذا ما أتيتم أو أبيتم جهنم * ووصل السلطان إلى العريش ووصل غازان إلى حلب ودخل جمادى الأولى والناس في أمر مريج ووصل بكتمر السلاحدار بألف فارس وعاد السلطان إلى مصر وانجفل الناس غنيهم
(٢٥٤)