تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٥ - الصفحة ١٧٩
فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأن قائلا يقول لي: أليس قد وضعته في وسط المجلدة فقمت من النوم، وفتحت المجلدة، وأخذت الدينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته على رأسي، ورجعت إليه وقد أبطأت عليه، فلم أخبره بشيء إلى أن أكلت، ثم أخبرته، فضحك وقال: لو كان هذا الأكل لكنت أبكي.
وقال: كنت ببغداد في سنة سبع وستين، فلما كان عشية اليوم الذي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا على الشيخ أبي إسحاق جماعة من أهل الشام، وسألناه عن البيعة، كيف كانت فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يؤمئذ مختط، وقال: هو أشبه الناس بهذا. وكان مولد المقتدي في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوال من هذه السنة.
قال أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر: أنشدني أبي لنفسه:) * لما رأيت فتاة الحي قد برزت * من الحطم تروم السعي في الظلم * * ضوء النهار بدا من ضوء بهجتها * وظلمة الليل من مسودها الفحم * * خدعتها بكلام يستلذ به * وإنما يخدع الأحرار بالكلم * وقال المبارك بن كامل الخفاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:
* ساروا بها كالبدر في هودج * يميس محفوفا بأترابه * * فاستعبرت تبكي، فعاتبتها * خوفا من الواشي وأصحابه * * فقلت: لا تبك على هالك * بعدك ما يبقى على ما به * * للموت أبواب، وكل الورى * لا بد أن تدخل من بابه * * وأحسن الموت بأهل الهوى * من مات من فرق أحبابه * وله:
* خلعت العذار بلا منة * على من خلعت عليه العذارا *
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»