تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٥ - الصفحة ١٨٤
والنظم الذي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه على منوال المعري ومن فوقه من المفلقين. رأيته شابا قام في درس إمام الحرمين مرارا، وأنشأ فيه قصائد طوالا كبارا، يلفظها كما يشاء زبدا من بحر خاطره، كما نشأ ميسر له الإنشاء، طويل النفس، كثير الحفظ، تلتفت في أثناء كلامه إلى النثر والوقائع والاستنباطات الغريبة. خرج إلى العراق، وأقام مدة يجذب فضله بطبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبعه حتى ظهر أمره، وعلا قدره، وحصل له من السلطان مكانه ونعمة.
ثم كان يرشح من كلامه نوع تشبث بالخلافة، ودعوة إلى آتباع فضله، آدعاء استحقاق الإمامة.
تبيض وساوس الشيطان في رأسه وتفرخ، ويرفع الكبر بأنفه، ويشمخ، فاضطره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى همذان، فأقام بها يدرس ويفيد، ويصنف مدة.
ومن شعره:
* وهيفاء لا أصغي إلى من يلومني * عليها، ويغريني أن يعيبها * * أميل بإحدى مقلتي إذا بدت * إليها، وبالأخرى أراعي رقيبها) * (وقد غفل الواشي فلم يدر أنني * أخذت لعيني من سليمى نصيبها * وله:
* أكوكب ما أرى يا سعد أم نار * تشبها سهلة الخدين معطار * * بيضاء إن نطقت في الحي أو نظرت * تقاسم الشمس أسماع وأبصار * * والركب يسيرون والظلماء راكدة * كأنهم في ضمير الليل أسرار * * فأسرعوا وطلا الأعناق مائلة * حيث الوسائد للنوام أكوار * عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: كان الأبيوردي والله
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 188 189 190 ... » »»