تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٤ - الصفحة ٣٣٨
وحكى لي ثقة أنه رأى شيخا من الملثمين بالمغرب مترديا في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليمنى يغسل بها، ويده اليسرى يستر بها وجهه. وقد جعل هؤلاء اللثام جنة، فلا يعرف الشيخ منهم من الشباب، فلا يزيلونه ليلا ولا نهارا، حتى أن المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه أهله، حتى يجعلوا على وجهه لثاما.
ولبعضهم:
* قوم لهم درك العلا في حمير * وإن انتموا صناجة فهم هموا * * لما حووا إحراز كل فيلة * غلب الحياة عليهم، فتلثموا * وتزوج ابن تاشفين بزينب زوجة أبي بكر بن عمر، وكانت حاكمة عليه، وكذلك جميع المثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمون الرجل منهم إلا بأمه. وهنا حكاية، وهي أن ابن خلوف القاضي الأديب كان له شعر، فبلغ زينب هذه أنه مدح حواء امرأة سير بن أبي) بكر، وفضلها على جميع النساء بالجمال، فأمرت بعزله عن القضاء. فسار إلى أغمات، واستأذن عليها، فدخل البواب فاعلمها به، فقالت: يمضي إلى التي مدحها ترده إلى القضاء.
فابلغه، فعز عليه، وبقي بالحضرة أياما حتى نفيت نفقته، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى. فسر الخادم وأعطاه، ودخل مسرورا بالمهر، وأخبر الست، فرقت له، وقالت: ائتني به. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حواء وتسرف، وزعمت أنه ليس في النساء أحسن منها، وما هذه منزلة القضاة. فقال في الحال:
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»