تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٤ - الصفحة ٣٣٩
* أنت بالشمس لاحقة * وهي بالأرض لاصقه * * فمتى ما مدحتها * فهي في سير طالقة * فقالت ياقاضي طلقتها. قال: نعم. ثلاثة وثلاثة وثلاثة. فضحكت حتى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يرده إلى القضاء. قلت: ولا ريب أن يوسف ملك من الملوك، بدت منه هنات وزلالات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولما أخذ إشبيلية من المعتمد شن عسكر بان تاشفين الغارة بإشبيلية، وخلوا أهلها على برد الديار، وخرج الناس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، واقتضت الأبكار. وتتابعت الفتوحات لابن تاشفين، وكانت فقهاء الأندلس قالوا: له لا يجب طاعتك حتى يكون لك عهد من الخليفة. فأرسل إلى العراق قوما من أهله بهدايا. وكتابا، يذكر فيه ما فعل بالفرنج. فجاءه أمر المستظهر بالله أحمد رسول بهدية، وتقليد وخلعة، وراية. وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظم أهل الدين. ونشأ ولده علي في العفاف والدين والعلم، فولاه العهد في سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وتوفي يوسف في يوم الاثنين ثالث المحرم سنة خمسمائة، ورخه ابن خلكان، وقبله عز الدين ابن الأثير، وغيرهما. وعاش تسعين سنة. قال اليسع بن حزم: فمن فضله أنه لما أراد بناء مراكش ادعى قوم مصامدة فيها أرضا، فأرضاهم بمال عظيم. وكان يلبس العباء، ويؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طرق المعالي، ويكره السفاف، ويحب الشرف المتعالي، ويقلد العلماء، ويؤثر الحكماء، يتدبر مرضاتهم. وإذا دخل عليه من طول ثيابه وجرها... إليه وجهه، وأعرض عنه، فإن كان ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البر والصلة للمساكين، رحمه الله.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»