تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٢٣
وذكره أبو الحسن عبد الغافر في سياقه، فقال: هو وحيد عصره في وقته فضلا، وطريقة، وزهدا، وورعا، من بيت العلم والزهد. تفقه بأبيه، وصار من فحول أهل النظر، وأخذ يطالع كتب الحديث، وحج، فلما رجع إلى وطنه، ترك طريقته التي ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وتحول شافعيا. أظهر ذلك في سنة ثمان وستين وأربعمائة. واضطرب أهل مرو لذلك، وتشوش العوام، إلى أن وردت الكتب من جهة بلكا بك من بلخ في شأنه والتشديد عليه، فخرج من مرو في أول رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم الموسوي، وطائفة من الأصحاب. وخرج في خدمته من الفقهاء وصار إلى طوس، وقصد نيسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالا عظيما.
وكان في نوبة نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور، فأكموا مورده، وأنزلوه في عز وحشمة، وعقد له مجلس التذكير في مدرسة الشافعية.
وكان بحرا في الوعظ، حافظا لكثير من الروايات والحكايات والنكت والأشعار، ثم عاد إلى مرو، ودرس بها في مدرسة أصحاب الشافعي، وقدمه نظام الملك على أقرانه، وعلا أمره، وظهر له الأصحاب. وخرج إلى إصبهان، وجع إلى مرو. وكان قبوله كل يوم في علو. واتفقت له تصانيف
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»