تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٣٢٥
مذهب أبي حنيفة، فبدا لي أن أرجع إلى مذهب الشافعي، وكنت مترددا في ذلك. فحججت، فلما بلغت سميراء، رأيت رب العزة في المنام، فقال لي: عد يا أبا المظفر. فانتبهت، وعلمت أنه يريد مذهب الشافعي، فرجعت إلى مذهب الشافعي.
وقال الحسين بن أحمد الحاجي: خرجت مع الإمام أبي المظفر إلى الحج، فكلما دخلنا بلدة نزل على الصوفية، وطلب الحديث من المشيخة. ولم يزل يقول في دعائه: اللهم بين لي الحق من الباطل. فلما دخلنا مكة، نزل على أحمد بن علي بن أسد، ودخلت في صحبة سعد الزنجاني، ولم يزل معه حتى صار ببركته من أصحاب الحديث. فخرجنا من مكة، وتركنا الكل، واشتغل هو بالحديث.
قرأت بخط أبي جعفر الهمذاني الحافظ قال: سمعت أبا المظفر يقول: كنت في الطواف، فوصلت إلى الملتزم، وإذا برجل قد أخذ بطرف ردائي، فالتفت، فإذا بالإمام سعد الزنجاني، فتبسمت إليه، فقال: أما ترى أين أنت هذا مقام الأنبياء والأولياء. ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم كما أوصلته إلى أعز المكان، فاعطه أشرف عز في كل مكان وزمان. ثم ضحك إلي، وقال لي: لا تخالفني في سرك، وارفع معي يدك إلى ربك، ولا تقولن البتة شيئا، واجمع لي همتك، حتى أدعو لك، وأمن أنت، ولا تخالفني عهدك القديم.
فبكيت، ورفعت معه يدي، وحرك شفتيه، وأمنت.
ثم قال: مر في حفظ الله، فقد أجيب فيك صالح دعاء الأمة.
فمضيت من عنده، وما شيء في الدنيا أبغض إلي من مذهب المخالفين.
قرأت بخط أبي جعفر أيضا: سمعت الإمام أوحد عصره في علمه أبا
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»