وقال عبد الواحد بن علي المراكشي في ' تاريخه ': غلب المعتمد على قرطبة في سنة إحدى وسبعين، فأخرج منها ابن عكاشة، ثم رجع إلى إشبيلية، واستخلف عليها ولده عبادا، ولقبه المأمون.
وفي سنة تسع وسبعين جاز المعتمد البحر إلى مراكش مستنصرا بيوسف بن تاشفين على الروم، فلقيه أحسن لقاء، وأسرع إجابته وقال: أنا أول منتدب لنصرة الدين.
فرجع مسرورا، ولم يدر أن تدميره في تدبيره، وسل سيفا عليه لا له.
فأخذ ابن تاشفين في أهبة العبور إلى الأندلس، واستنفر الناس، وعبر في سبعة آلاف فارس، سوى الرجالة، ونزل الجزيرة الخضراء، وتلقاه المعتمد، وقدم له تحفا جليلة، وسأله أن يدخل إشبيلية، فامتنع وقال: نريد الجهاد.
ثم سار بجيوشه إلى شرقي الأندلس. وكان الأدفونش، لعنه الله يحاصر حصنا، فرجع إلى بلاده يستنفر الفرنج، وتلقى ابن تاشفين ملوك الأندلس الذين كانوا على طريقه كصاحب غرناطة، وصاحب المرية، وصاحب بلنسية، ثم استعرض جنده على حصن لورقة، وقال للمعتمد: هلم ما جئنا له من الجهاد. وجعل يصغر قدر الأندلس ويقول: في أوقات كان أمر هذه الجزيرة عندنا عظيما، فلما رأيناها وقعت دون الوصف. وهو في ذلك كله يسر حسوا في ارتقاء. فسار المعتمد بين يديه، وقصد طليطلة، فتكامل عدد المسلمين زهاء عشرين ألفا، فالتقوا هم والعدو بأول بلاد الروم، لعنهم الله، وجاء الأدفونش في جيش عظيم بمرة، فلما رآهم يوسف قال للمعتمد: ما كنت أظن هذا الخنزير يبلغ هذا الحد. فالتقوا في ثاني عشر رمضان، وصبر البربر، وأبلوا بلاء حسنا، وهزم الله النصارى، وكانت ملحمة مشهودة. ونجا الأدفونش في تسعة من أصحابه. وتسمى هذه وقعة الزلاقة. ففرح أهل الأندلس بالبربر، وتيمنوا بهم، ودعوا لابن تاشفين على المنابر، فقوي طمعه في الأندلس.