تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٢٦٣
ثم إنه حج وجاور بالمدينة إلى أن مات بها كهلا. وكان دينا عالما، من محاسن الوزراء.
قال العماد الكاتب: لم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين والشرع مثله. وكان عصره أحسن العصور رحمه الله. ذكره صاحب المرآة.
ولما ولي وزارة المقتدي كان سليما من الطمع في المال، لأنه كان يملك حينئذ ستمائة ألف دينار، فأنفقها في الخيرات والصدقات.
قال أبو جعفر الخرفي: كنت أنا واحدا من عشرة نتولى إخراج صدقاته، فحسبت ما خرج على يدي، فكان مائة ألف دينار.) وكان يبيع الخطوط الحسنة، ويتصدق بها، ويقول: أنا أحب الأشياء إلي الدينار والخط الحسن، فأنا أتصدق بمحبوبي لله.
وجاءته قصة بأن امرأة وأربعة أيتام عرابا، فبعث من يكسوهم، وقال: والله لا ألبس ثيابي حتى ترجع. وتعرى، فعاد الغلام وهو يرعد من البرد.
وكان قد ترك الاحتجاب ويكلم المرأة والصبي، ويحضر مجالسة الفقهاء والعوام، ولا يمنع أحدا. وأسقطت المكوس في أيامه، وألبس الذمة الغيار. ومحاسنه كثيرة، وصدقاته غزيرة، وتواضعه أمر عجيب، فرحمه الله تعالى.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»