وقال عبد الواحد المذكور: وفي نصف رجب ثاروا على المعتمد، فبرز من قصره وسيفه بيده، وغلالته ترف على جسده، لا درع عليه، ولا درقة معه، فلقي فارسا مشهور النجدة فرماه الفارس بحربة، فأصاب غلالته، وضرب هو الفارس بالسيف على عاتقه، فخر صريعا.
فانهزمت تلك الجموع، وظن أهل إشبيلية أن الخناق قد تنفس.
فلما كان وقت العصر، عاودهم البربر، فظهروا على البلد من واديه، وشبت النار في شوانيه، فعندها انقطع العمل. وكان الذي ظهر عليها من جهة البر جدير بن البربري، ومن الوادي الأمير أبو حمامة. والتوت الحال أياما، إلى أن قدم سير ابن أخي يوسف بن تاشفين بعساكره، والناس في تلك الأيام يرمون أنفسهم من الأسوار. فاتسع الخرق على الراقع بمجيء سير،) ودخل البلد من واديه، وأصيب حاضره وباديه بعد أن جد الفريقان في القتال، وشنت الغارة في إشبيلية، ولم يترك البربر لأهلها سبدا ولا لبدا. ونهبت قصور المعتمد، وأخذ أسيرا. ثم أكره على أن يكتب إلى ولديه: أن تسلما الحصنين، وإلا قتلت. وإن دمي رهن على ذلك. وهما الراضي بالله، والمعتد بالله، وكانا في رندة ومارتلة، فنزلا بعد عهود مبرمة.
فأما المعتد، فعند نزوله قبض عليه القائد الواصل إليه، وأخذ كل أمواله، وأما الآخر فقتلوه غيلة. وذهبوا بالمعتمد وآله بعد استئصال جميع أحواله، وعبروا به إلى طنجة، فبقي بها أياما، ثم نقلوه إلى مكناسة، فترك بها أشهرا، ثم نقلوه إلى مدينة أغمات، فبقي بها أكثر من شنتين محبوسا. ومات. وللمعتمد مراث في ولديه اللذين قتلوهما.
وله في حاله: تبدلت من ظل عز البنود بذل الحديد وثقل القيود وكان حديدي سنانا ذليقا وعضبا رقيقا صقيل الحديد