تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٢٦٧
ثم، إن ابن تاشفين نزل سبتة، وأمر جيشه، فعبروا إلى الجزيرة الخضراء، ولما تكامل له جنده عبر هو في الساقة. ثم إنه اجتمع بالمعتمد. وقد عرض المعتمد عساكره. وأقبل المسلمون من كل النواحي طلبا للجهاد. وبلغ الأدفونش الخبر فخرج في أربعين ألف فارس، وكتب إلى ابن تاشفين يتهدده، فكتب ابن تاشفين جوابه في ظهر كتابه: الذي يكون ستراه. ورده إليه. فلما وقف عليه ارتاع لذلك، وقال: هذا رجل عازم.
ثم سار حزب الإسلام وحزب الصليب والتقى الجمعان بالزلاقة من بلد بطليوس، فكانت ملحمة كبرى، وهزم الله الأذفونش، بعد استئصال عسكره، ولم يسلم معه سوى نفر يسير. وذلك في يوم الجمعة من رمضان سنة تسع وسبعين.
وأصاب المعتمد جراحات في وجهه وبدنه، وشهدوا له بالشجاعة، وغنم المسلمون شيئا كثيرا.
وعاد ابن تاشفين إلى بلاده. ثم إنه في العام المقبل، عدى إلى الأندلس، وتلقاه المعتمد، وحاصرا بعض حصون الفرنج، فلم يقدروا عليها، فرحل ابن تاشفين، ومر بغرناطة إليه صاحبها عبد الله بن بلكين تقادم سنية، وتلقاه، فغدر به ابن تاشفين، ودخل بلده وقصره، وأخذ منه ما لا يحصى، ثم رجع إلى مراكش، وقد أعجبه حسن الأندلس وبساتينها وبناها ومطاعمها التي لا توجد بمراكش، فإنها بلاد بربر وأجلاف العربان. وجعل خواص ابن تاشفين يعظمون عنده الأندلس، ويحسنون له أخذها، ويغرون قلبه على المعتمد بأشياء.
(٢٦٧)
مفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»