وقد كانت الفرنج تأخذ الإتاوة من ملوكها قاطبة.
ثم جال ابن تاشفين في الأندلس على سبيل التفرج، وهو يضمر أشياء، ويظهر إعظام المعتمد ويقول: إنما نحن في ضيافته، وتحت أمره.) وكان المعتصم معن بن محمد بن صمادح، صاحب المرية، يحسد المعتمد، فداخل ابن تاشفين، وحظي عنده، فأخذ يعيب المعتمد، وقدم لابن تاشفين هدايا فاخرة، ولم يدر ابن صمادح أنه يسقط في البئر الذي حفر. وأعانه جماعة على تغيير قلب ابن تاشفين يقول الزور، وبأنه يتنقصك. فعبر إلى بلاده مراكش. وفهم المعتمد أنه قد تغير عليه. ثم اتفق رأي ابن تاشفين أن يراسل المعتمد، يستأذنه في رجال صلحاء أصحاب ابن تاشفين رغبوا في الرباط في حصون الأندلس.
فأذن له. وأراد ابن تاشفين أن يكون له بالأندلس أعوانا لوقت الحاجة. وقد كانت قلوب الأندلسيين قد أشربت حب ابن تاشفين، فانتخب رجالا، وأمر عليهم قرابته بلجين، وقرر معه أمورا، فبقوا بالأندلس إلى أن ثارت الفتنة. ومبدؤها في شوال سنة ثلاث وثمانين. فملك المرابطون جزيرة طريف، ونادوا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف.
ثم زحف المرابطون الذين في الحصون إلى قرطبة فحاصروها، وفيها المأمون بعد أن أبدى عذرا وأظهر في الدفاع جلدا وصبرا في صفر سنة أربع وثمانين. فزادت الإحنة والمحنة، وعلت الفتنة.
قال ابن خلكان: وحاصروا إشبيلية، وبها المعتمد، أشد المحاصرة، وظهر من شدة بأس المعتمد ومصابرته وتراميه على الموت بنفسه، ما لم يسمع بمثله. فلما كان في رجب سنة أربع هجم ابن تاشفين البلد، وشنوا فيه الغارات. ولم يتركوا لأحد شيئا. وخرج الناس يسترون عوراتهم بأيديهم. وقبضوا على المعتمد.