تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١٩
إلي، فقلت: يا أبا عبد الله رجل غريب نائي الدار، وهذا أول دخولي هذا البلد، وأنا صاحب حديث، ومقيد بسنة. ولم تكن رحلتي إلا إليك.
فقال: أدخل الأسطوانة، ولا يقع عليك عين. فدخلت.
فقال لي: وأين موضعك قلت: المغرب الأقصى.
قال: إفريقية فقلت له: أبعد من إفريقية. أجوز من بلد البحر إلى إفريقية. الأندلس.
قال له: موضعك لبعيد، وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغلك. فلت له: بلى، لقد بلغني، وهذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإذا أذنت لي أن آتي كلي يوم في زي السوآل، فأقول عند الباب ما يقوله السائل، فتخرج إلى هذا الموضع، فلوا لم تحدثني كل يوم إلى بحديث واحد لكان لي فه كفاية.
فقال لي: نعمن على شرط أن لا تظهر في الخلق، ولا عند المحدثين.
فقلت: لك شرطك.
فكنت آخذ عودا بيدي، وألف رأسي بخرقة مدنسة وآتي بابه، فأصيح: الأجر، رحمكم الله، والسؤال هناك كذلك، فيخرج إلي ويغلق الباب، ويحدثني بالحديثين، والثلاثة، والأكثر. فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له وولي بعد إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه. فكان يناولني الحديث مناولة، ويقرأه عليه. واعتللت، فعادني في خلق معه.
وذكر الحكاية أطول من هذا، نقلها ابن بشكوال في غير الصلة. وأنا نقلتها من خط أبي الوليد بن الحاج شيخنا.
(٣١٩)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الجهل (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»