تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١٨
كنت أمشي معه في أزقة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه.
وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قال: كان بقي يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشر ركعة. وكان يصلي بالنهار مائة ركعة، ويصوم الدهر، وكان كثير الجهاد، فاضلا.
يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة.
ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عبد الرحمن بن أحمد بن بقي: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان جل بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل. قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع. فاغتممت غما شديدا، فأحللت بغداد واكتريت بيتا في فندق ثم أتيت الجامع، وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين، ففرجت لي فرجة، وقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريارحمك اللهرجل غريب ناء عن وطنه، يحب السؤال فلا تستجفني. فقال: قل. فسألته عن بعض من لقيته، فبعضا من لقيته، فبعضا زكى، وبعضا جرح.
فسألت عن هشام بن عمار، فقال لي: أبو الوليد صاحب صلاة دمشق، ثقة وفوق الثقة. ولو كان تحت ردائه كبرا ومتقلدا كبرا ما ضره شيئا لخيره وفضله.
فصاح أصحاب الحلقة: يكفيكرحمك اللهغيرك له سؤال.) فقلت وأنا واقف على قدمي: أكشفك عن رجل واحد: أحمد بن حنبل.
فنظر إلي كالمتعجب، وقال لي: ومثلنا نحن نكشف عن أحمد بن حنبل ذاك إمام المسلمين وأخبرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدل على منزلي أحمد، فدللت عليه. فقرعت بابه، فخرج
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»