تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١٧
فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلة، فكان يحدثني بالحديث بعد الحديث في زي السؤال، ونحن خلوة. حتى اجتمع لي منه نحو من ثلاثمائة حديث.
وقال ابن حزم: مسند بقي روى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه. فهو مسند ومصنف. وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث. وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين، فمن دونهم الذي أوفى فيه على مصنف عبد الرزاق، ومصنف سعيد بن منصور.) ثم ذكر تفسيره وقال: فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام لا نظير لها. وكان متخيرا لا يقلد أحدا.
وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجاريا ف يمضمار البخاري، ومسلم، وأبي عبد الرحمن النسائي.
وقال أبو عبد الملك القرطبي في تاريخه: كان بقي طويلا أقنى، ذا لحية، مضبرا، قويا، جلدا على المشي. لم ير راكبا دابة قط. وكان ملازما لحضور الجنائز، متواضعا.
وكان يقول: إني لأعرف رجلا كان يمضي عليه الأيام في وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى. وسمعت من كل من سمعت منه في البلدان ماشيا إليهم على قدمي.
قلت: وهم من قال إنه توفي سنة ثلاث. بل توفي سنة ست وسبعين كما تقدم.
قال ابن لبانة: كان بقي من عقلاء الناس وأفاضلهم. وكان أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من لقي بالمشرق، ويصف زهده، ويقول: إنما
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»