تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٩٩
ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله، الله، إنك لست مثلي، أنت رجل يقتدى بك، قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك. فآتق الله وآثبت لأمر الله. أو نحو هذا.
فمات وصليت عليه ودفنته. أظنه قال: بعانة.
قال صالح: وصار أبي إلى بغداد مقيدا، فمكث بالياسرية أياما، ثم حبس في دار آكتريت عند دار عمارة. ثم نقل بعد ذلك إلى حبس العامة في درب الموصلية، فقال أبي: كنت أصلي بأهل السجن وأنا مقيد. فلما كان في رمضان سنة تسع عشرة حولت إلى دار إسحاق بن إبراهيم.
وأما حنبل بن إسحاق فقال: حبس أبو عبد الله في دار عمارة ببغداد في إسطبل لمحمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان في حبس ضيق ومرض في رمضان، فحبس في ذلك الحبس قليلا، ثم حول إلى سجن العامة، فمكث في السجن نحوا من ثلاثين شهرا، فكنا نأتيه. وقرأ علي كتاب الإرجاء وغيره في الحبس، فرأيته يصلي بأهل الحبس وعليه القيد، فكان يخرج رجله من حلقة القيد وقت الصلاة والنوم.
رجعنا إلى ما حكاه صالح بن أحمد، عن أبيه: لما حول إلى دار إسحاق بن إبراهيم فكان يوجه إلي كل يوم برجلين، أحدهما يقال له أحمد بن رباح، والآخر أبو شعيب الحجام، فلا يزالان يناظراني حتى إذا أرادا الانصراف دعي بقيد، فزيد في قيودي.
قال: فصار في رجله أربعة أقياد.
قال أبي: فلما كان اليوم الثالث دخل علي أحد الرجلين فناظرني، فقلت له: ما تقول في علم الله قال: إنه مخلوق.
فقلت له: كفرت.
فقال الرسول الذي كان يحضر من قبل إسحاق بن إبراهيم: إن هذا رسول
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»