تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ١٣٩
وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العساكر، والبرد تختلف كل يوم.
وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه وجاء قوم من الفضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم.
ودخل عليه شيخ فقال: أذكر وقوفك بين يدي الله. فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه على خديه.
فلما كان قبل وفاته بيوم أو بيومين قال: ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل.
فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشتمهم ويمسح بيده على رؤوسهم وعينه تدمع.
وأدخلت الطست تحته، فرأيت بوله دما عبيطا ليس فيه بول، فقلت للطبيب فقال: هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه.
واشتدت علته يوم الخميس ووضأته فقال: خلال الأصابع. فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقبض صدرا، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وآمتلأت السكك والشوارع.
وقال أبو بكر الخلال: أخبرني عصمة بن عصام: ثنا حنبل قال: أعطى ولد الفضل بن إبراهيم أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات وقال: هذه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، فأوصى عند موته أن يجعل على كل عين) شعرة، وشعرة على لسانه.
ففعل به ذلك عند موته.
وقال حنبل: توفي يوم الجمعة في ربيع الأول.
وقال مطين: في ثاني عشر ربيع الأول.
وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وعباس الدوري.
وقال البخاري: مرض أحمد بن حنبل لليلتين خلتا من ربيع الأول، ومات
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»