تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ١١٥
منزله ومعه السلطان والناس، وهو منحني.
فلما ذهب لينزل احتضنته ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضرب فصاح، فنحيت يدي، فنزل متوكئا علي،) وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر يتحرك إلا بجهد، وخلع ما كان عليه، فأمر به فبيع، وأخذ ثمنه فتصدق به. وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم أن لا يقطع عنه خبره، وذلك أنه ترك فيما حكي لنا عند الإياس منه. وبلغنا أن المعتصم ندم وأسقط في يده حتى صح. فكان صاحب خبر إسحاق يأتينا كل يوم يتعرف خبره حتى صح، وبقيت إبهاماه متخلعتين تضربان عليه في البرد حتى يسخن له الماء.
ولما أردنا علاجه خفنا أن يدس ابن دؤاد سما إلى المعالج، فعملنا الدواء والمراهم في منزلنا. وسمعته يقول: كل من ذكرني في حل إلا مبتدع.
وقد جعلت أبا إسحاق، يعني المعتصم، في جل. ورأيت الله تعالى يقول: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح.
قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم في سبيلك.
فصل في محنته من الواثق قال حنبل: ولم يزل أبو عبد الله بعد أن بريء من مرضه يحضر الجمعة والجماعة ويفتي ويحدث حتى مات المعتصم، وولي ابنه الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه. فلما اشتد الأمر على أهل بغداد، وأظهرت القضاة المحنة، وفرق بين فضل الأنماطي وامرأته، وبين أبي صالح وامرأته، كان أبو عبد الله يشهد الجمعة ويعيد الصلاة إذا رجع ويقول: الجمعة تؤتى لفضلها، والصلاة تعاد خلف من قال بهذه المقالة.
وجاء نفر إلى أبي عبد الله وقالوا: هذا الأمر قد فشا وتفاقم، ونحن نخافه على أكثر من هذا. وذكروا أن آبن أبي دؤاد أراد أن يأمر المعلمين بتعليم
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»