تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ١٢٠
يقبل منك، فلا تدع شيئا إلا تكلمت به.
فما رد عليه أبو عبد الله شيئا. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين، ودعوت لوصيف، ومضينا فأنزلنا في دار التياح، ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار قالوا: هذه دار التياح.
فقال: حولوني، إكتروا لي.
فلم نزل حتى اكترينا له دارا. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل، والفاكهة والثلج، وغير ذلك. فما نظر إليها أبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئا. وكانت نفقة المائدة كل يوم مائة وعشرين درهما.
وكان يحيى بن خاقان، وابنه عبيد الله، وعلي بن الجهم يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكل.) ودامت العلة بأبي عبد الله وضعف ضعفا شديدا. وكان يواصل، فمكث ثمانية أيام ولا يأكل ولا يشرب. فلما كان في اليوم الثامن دخلت عليه، وقد كاد أن يطفأ، فقلت: يا أبا عبد الله، ابن الزبير كان يواصل سبعة أيام، وهذا لك اليوم ثمانية أيام.
قال: إني مطيق.
قلت: بحقي عليك.
قال: فإني أفعل.
فأتيته بسويق فشرب ووجه إليه المتوكل بمال عظيم فرده، فقال له عبيد الله بن يحيى: فإن أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك.
قال: هم مستعفون فردها عليه.
فأخذها عبيد الله فقسمها على ولده وأهله.
ثم أجرى المتوكل على أهله وولده أربعة آلاف في كل شهر، فبعث إليه أبو عبد الله: إنهم في كفاية، وليست بهم حاجة.
فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لوالدك، ما لك ولهذا؟
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»