شعره على عينيه، فسلم، فقال المأمون: لا سلم الله عليك، اكفرا يا إبراهيم بالنعمة وخروج على أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين، إن القدرة تذهب الحفيظة. ومن مد له في الاغترار هجمت به الأناة على التلف. وقد رفعك الله فوق كل ذي ذنب، كما وضع كل ذي ذنب دونك، فإن تعاقب فبحقك، وإن تعف فبفضلك.
فقال: إن هذين قد أشارا علي بقتلك، وأومأ إلأى المعتصم أخيه، وإلى العباس ابنه.
فقال: أشارا عليك بما يشار به على مثلك، وفي مثلي من حسن السياسة وإن الملك عقيم. ولكنك تأبى أن تستجلب نصرا إلا من حيث عودك الله. وأنا عمك، والعم صنو الأب. وبكى، فتغرغرت عينا المأمون.
ثم قال: يا ثمامة، إن الكلام كلام كالدر، يا غلمان حلوا عن عمي، وغيروا من حالته في أسرع) وقت، وجيثوني به.
ففعلوا ذلك، فأحضره مجلسه، ونادمه، وسأله أن يغني، فأبى وقال: نذرت لله عند خلاصي تركه، فعزم عليه، وأمر أن يوضع العود في حجره، فغنى.
وعن منصور بن المهدي قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرب من يسمعه، فإذا غنى أصغت الوحوش ومدت أعناقها إليها حتى تضع رؤوسها في حجره. فإذا سكت نفرت وهربت. وكان إذا غنى لم يبق أحد إلا ذهل، ويترك ما