تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٧٠
قال: فقلت لا بد من أداء الجزية.
فقال: يعفيني الأمير.
قال: فقلت: لا سبيل إلى ذلك.
قال: فأنا منصرف على أماني.
فأذنت له، وأمرتهم بان يسقوا فرسه عند خروجه إليه. فلما رأى ذلك دعا بدابة شاكرية، فركبها وترك دابته، وقال: ما كنت لآخذ معي شيئا قد أرتفق منكم بمرفق فأحاربكم عليه.
قال: فاستحسنت منه ذلك وطلبته، فلما دخل قلت: الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عقد ولا عهد.
قال: وكيف ذاك قلت: لأنك قد انصرف من عندي ثم عدت إلي.) قال شرطك أن تصيرني إلى مأمني. فإن كان دارك مأمني فلست بخائف، وإن كان مأمني داري فردني إلى البلقاء.
فجهدت به إلى أداء الجزية، على أن أهبه في السنة ألفي دينار، فلم يفعل. فأذنت له في الرجوع إلى مأمنه. فرجع ثم أسعر الدنيا شرا.
ثم حمل إلى عبيد الله بن المهدي مال من مصر فخرج اليهودي متعرضا له، فكتب إلى النعمان بذلك، فكتبت إليه آمره بمحاربة اليهودي إن عرض للمال. فخرج النعمان ملتقيا للمال، ووافاه اليهودي، ومع كل واحد منهما جماعته. فسأل النعمان اليهودي الانصراف، فأبى وقال: إن شئت خرجت إليك وحدي وأنت في جماعتك، وإن شئت تبارزنا، فإن ظفرت بك انصرف أصحابك إلي وكانوا شركائي في الغنيمة، وإن ظفرت بي صار أصحابي إليك. فقال له النعمان: يا يحيى، ويحك أنت حدث، وقد بليت بالعجب. ولو كنت من قريش لما أمكنك معارة السلطان. وهذا الأمير هو أخو الخليفة. وإنا وإن فرقنا الدين أحب أن لا يجري على يدي قتل فارس من الفرسان، فإن كنت تحب ما أحب من السلامة فأخرج إلي، ولا يبتلى بك وبي من يسوءنا قتله.
(٧٠)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»