تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٧١
قال: فخرجا جميعا وقت العصر، فلم يزالا في مبارزة إلى الظلام، فوقف كل منهما على فرسه، واتكأ على رمحه، إلى أن غلبت النعمان عيناه، فطعنه اليهودي، فوقع سنان رمحه في منطقة النعمان، فدارت المنقطة وصار السنان يدور بدوران المنطقة إلى الظهر، فاعتنقه النعمان وقال له: أغدرا يا ابن اليهودية فقال له: أو محارب ينام يا ابن الأمة واتكى عليه النعمان عند معانقته إياه، فسقط فوقه، وكان النعمان ضخما، فصار فوق اليهودي، فذبحه وبعث إلي برأسه. فلم يختلف علي بعدها أحد. ثم ولي بعدي دمشق سليمان بن المنصور، فانتهبه أهل دمشق وسبوا حرمه، ثم ولي بعده أخوه منصور، فكانت على رأسه الفتنة العظمى. ثم لم يعط القوم طاعة بعد ذلك، إلى أن افتتح دمشق عبد الله بن طاهر سنة عشر ومائتين.
وكان السبب في صرفي عن دمشق للمرة الأولى أنني اشتهيت الإصطباح فأغلقت الأبواب.
قال: فحضر الكاتب، فصار إليه بعض الحشم، فسأله أن يكتب له إلى صاحب المنزل، فلم يمكن) إخراج الدواة، واستعجله ذلك الغلام، فأخذ فحمة، وكتب في خزفة لحاجته، فأخذ سليم حاجبي تلك الفحمة فكتب على الحائط: كاتب يكتب بفحمة في الخزف، وحاجب لا يصل. فوافي صاحب البريد، فقرأ ما كتب سليم، فكتب بذلك إلى الرشيد، فوافى كتابه الرقة يوم الرابع، فساعة وقع بصره على الكتاب عزلني، وحبسني مائة يوم، ثم رضي عني بعد سنة. ثم قال لي بعد سنتين: بحقي عليك لما تخيرت ولاية أوليكها فقلت: دمشق فسألني عن سبب اختياري لها، فأخبرته باستطابتي هواءها، واستمرائي ماءها، واستحساني مسجدها وغوطتها.
فقال: قدرك اليوم عندي يتجاوز ولاية دمشق، ولكن أجمع لك مع ولاية الصلاة والمعادن ولاية الخراج، فعقد لي عليها.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»