وقال محمد بن زكريا الغلابي: ثنا مهدي بن سابق قال: دخل المأمون يوما ديوان الخراج، فمر بغلام جميل على أذنه قلم. فأعجبه حسنه فقال: من أنت قال: الناشئ في دولتك، وخريج أدبك، والمتقلب في نعمتك يا أمير المؤمنين، الحسن بن رجاء.
فقال: يا غلام، بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول.
ثم أمر برفع مرتبته عن الديوان، وأمر له بمائة ألف درهم.
وعن إسحاق الموصلي قال: كان المأمون قد سخط على الخليع الشاعر لكونه هجاه عندما قتل الأمين. فبينا أنا ذات يوم عند المأمون إذ دخل الحاجب برقعة، فاستأذن في إنشادها. فأذن له، فقال:
* أجرني فإني قد ظمئت إلى الوعد * متى تنجز الوعد المؤكد بالعهد * * أعيذك من خلف الملوك فقد ترى * تقطع أنفاسي عليك من الوجد) * (أيبخل فرد الحسن عني بنائل * قليل وقد أفردته بهوى فرد * إلى أن قال:
* رأى الله عبد الله خير عباده * فملكه والله أعلم بالعبد * * ألا إنما المأمون للناس عصمة * مميزة بين الضلالة والرشد * فقال له: أحسنت.
قال: يا أمير المؤمنين أحسن قائلها.
قال: ومن هو قال: عبيدك الحسين بن الضحاك.
فقال: لا حياه الله ولا بياه. أليس هو القائل:
* فلا تمت الأشياء بعد محمد * ولا زال شمل الملك فيها مبددا.
*