وأنشدني عنه أيضا (وجارية عبرت للطواف * وعبرتها حذرا تدمع) (فقلت ادخلي البيت لا تجزعي * ففيه الأمان لمن يجزع) (سدانته لبني شيبة * فقالت ومن شيبة افزع) وأنشدني عنه في غلام يتعلم السباحة في دجلة بغداد وقد لبس تبان أزرق وشد على ظهره شكوة منفوخة كما جرت عادة من يتعلم العوم فقال في ذلك (يا للرجال شكايتي من شكوة * أضحت تعانق من أحب وأعشق) (جمعت هوى كهواي إلا أنها * تطفو ويثقلني الغرام فأغرق) (ويغيرني التبان عند عناقه * أردافه فهو العدو الأزرق) وقال صاحبنا الكمال ابن الشعار الموصلي صاحب كتاب عقود الجمان أنشدني ابن صابر لنفسه هذه الأبيات لكنه روى البيت الثاني منها على صورة أخرى فقال (حملت هوى كهواي فهي بوصله * تطفو ويبكيني الغرام فأغرق) وهذا من المعاني النادرة فإن العرب إذا وصفت العدو بشدة العداوة قالت هو عدو أزرق وقد جاء هذا في كلامهم وأشعارهم كثيرا واستعمله الحريري في المقامة الرابعة عشرة فقال فمذ أغبر العيش الأخضر وأزور المحبوب الأصفر اسود يومي الأبيض وابيض فودي الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فحبذا الموت الأحمر ورأيت في بعض الرسائل ولا أتحقق الآن صاحبها قد أوردنا ظبا الحديد الأخضر في ماء الوريد
(٣٨)