كل من يقف عليها يفهم معناها أما البيت الأول وما ذكره من أمر الياقوت فإن الياقوت من خاصيته أن النار لا تؤثر فيه وإلى هذا أشار الحريري في المقامة السابعة والأربعين بقوله من جملة ثلاثة أبيات (وطالما أصلي الياقوت جمر غضا * ثم انطفا الجمر والياقوت ياقوت) (وقال آخر في غلام له اسمه ياقوت (ياقوت ياقوت قلبي المستهام به * من المروءة أن لا يمنع القوت) (سكنت قلبي وما تخشى تلهبه * وكيف يخشى لهيب النار ياقوت) وقد جاء هذا كثيرا في الشعر لكن الاختصار أولى وأما قول ابن صابر في الجواب في البيت الثاني نسج داود لم يفد ليلة الغار إلى آخره فهذا إشارة إلى مهاجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما خافا من مشركي مكة أن يتبعوهما فدخلا غار ثور بالثاء المثلثة وثور جبل بين مكة والمدينة بالقرب من مكة ونسج العنكبوت في الحال على باب الغار فلما وصل المشركون إليه ورأوا أثر العنكبوت على الباب قالوا ليس ها هنا أحد فإنه لو دخله أحد ما كان العنكبوت نسج عليه في الحال لأن المشركين بادروا إليهما ليلحقوهما فأخفى الله سبحانه وتعالى أمرهما وهي من جملة معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وقوله في البيت الثالث وبقاء السمند في لهب النار إلى آخره السمند بفتح السين المهملة والميم وبعد النون الساكنة دال مهملة ويقال السمندل أيضا بزيادة اللام ذكروا أنه طائر يقع في النار فلا تؤثر فيه ويعمل من ريشة مناديل وتحمل إلى هذه البلاد فإذا اتسخت المنديل طرحت في النار فتأكل النار الوسخ الذي عليها ولا تحترق المنديل ولا تؤثر النار فيها ولقد رأيت منه قطعة ثخينة منسوجة على هيئة حزام الدابة وهي في طول الحزام وعرضه فجعلوها على النار فما عملت فيه فغمسوا أحد جوانبه في الزيت
(٤٣)