(قد أمنتم من الزمان ونمتم * رب خوف مكمن في أمان) فلما قرأها قال لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم واجتهد أن يعرف كاتبها فلم يقدر على ذلك ولما اعتل علة الوفاة آخر السنة المذكورة ركب إليه العزيز عائدا وقال له وددت أنك تباع فأبتاعك بملكي أو تفدى فأفديك بولدي فهل من حاجة توصي بها يا يعقوب فبكى وقبل يده وقال أما فيما يخصني فأنت ارعى لحقي من أن أسترعيك إياه وأرأف على من أخلفه من أن أوصيك به ولكني أنصح لك فيما يتعلق بدولتك سالم الروم ما سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة ولا تبق على مفرج بن دغفل بن جراح إن عرضت لك فيه فرصة ومات فأمر العزيز أن يدفن في داره وهي المعروفة بدار الوزارة بالقاهرة داخل باب النصر في قبة كان بناها وصلى عليه وألحده بيده في قبره وانصرف حزينا لفقده وأمر بغلق الدواوين أياما بعده وكان إقطاعه من العزيز في كل سنة مائة ألف دينار ووجد له من العبيد والمماليك أربعة آلاف غلام ووجد له جوهر بأربعمائة ألف دينار وبز من كل صنف بخمسمائة ألف دينار وكان عليه للتجار ستة عشر ألف دينار فقضاها عنه العزيز من بيت المال وفرقت على قبره وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق فقال كان يهوديا من أهل بغداد خبيثا ذا مكر وله حيل ودهاء وفيه فطنة وذكاء وكان في قديم أمره خرج إلى الشام فنزل الرملة وصار بها وكيلا فكسر أموال التجار وهرب إلى مصر فتاجر كافورا الإخشيدي فرأى منه فطنة وسياسة ومعرفة بأمر الضياع فقال لو كان مسلما لصلح أن يكون وزيرا فطمع في الوزارة فأسلم يوم جمعة في جامع مصر فلما عرف الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات أمره قصده فهرب إلى المغرب واتصل بيهود كانوا مع الملقب بالمعز وخرج معه إلى مصر فلما مات الملقب بالمعز وقام ولده الملقب بالعزيز استوزر ابن كلس في سنة خمس وستين وثلاثمائة فلم
(٣٣)