وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ٣٦
السمعاني الذي ذيله على تاريخ بغداد تأليف الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي وقد سبق ذكر كل واحد من هؤلاء الثلاثة في هذا التاريخ فقال ابن الدبيثي كان يعقوب المذكور متقدما على أهل صناعته يعني في صنعة المنجنيق وما يتعلق به وكان فيه فضل ويقول الشعر سمع شيئا من الحديث من أبي المظفر ابن السمرقندي وأبي منصور ابن الشطرنجي علقت عنه شيئا من شعره أنشدني أبو يوسف يعقوب بن صابر لنفسه (قبلت وجنته فألفت جيده * خجلا ومال بعطفه المياس) (فانهل من خديه فوق عذاره * عرق يحاكي الطل فوق الآس) (فكأنني استقطرت ورد خدوده * بتصاعد الزفرات من أنفاسي) سألته عن مولده فقال في ضحى نهار الاثنين رابع محرم سنة أربع وخمسين وخمسمائة وقال غير ابن الدبيثي كان ابن صابر المنجنيقي جنديا في ابتداء أمره مقدما على المنجنيقيين بمدينة السلام ببغداد ولم يزل مغرى بآداب السيف والقلم وصناعة السلاح والرياضة واشتهر بذلك ولم يلحقه أحد من أبناء زمانه في درايته وفهمه لذلك وصنف فيه كتابا سماه عمدة السالك في سياسة الممالك ولم يتممه وهو مليح في معناه يتضمن أحوال الحروب وتعبيتها وفتح الثغور وبناء المعاقل وأحوال الفروسية والهندسة والمصابرة على القلاع والحصار والرياضة الميدانية والحيل الحربية وفنون العلاج بالسلاح وعمل أداة الحرب والكفاح وصنوف الخيل وصفتها وقد قسم هذا الكتاب ورتبه أبوابا كل باب منه يشتمل على فصول وكان شيخا هشا مليحا لطيفا فكها طيب المحاورة شريف النفس متواضعا فيه تودد وبشر وسكون وهو مع ذلك شاعر مكثر مجيد ذو
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»