لم تزل أحواله تتزايد مع كافور حتى صار الحجاب والأشراف يقومون له ويكرمونه ولم تتطلع نفسه إلى اكتساب مال وأرسل له كافور شيئا فرده عليه وأخذ منه القوت خاصة وتقدم كافور إلى سائر الدواوين أن لا يمضي دينار ولا درهم إلا بتوقيعه فوقع في كل شيء وكان يبر ويصل من اليسير الذي أخذه هذا كله وهو على دينه ثم إنه أسلم يوم الاثنين لثماني عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ست وخمسين وثلاثمائة ولزم الصلاة ودراسة القرآن الكريم ورتب لنفسه رجلا من أهل العلم شيخا عارفا بالقرآن المجيد والنحو حافظا لكتاب السيرافي فكان يبيت عنده ويصلي به ويقرأ عليه ولم تزل حاله تزيد وتنمي مع كافور إلى أن توفي كافور في التاريخ المذكور في ترجمته وكان أبو الفضل جعفر بن الفرات المقدم ذكره في حرف الجيم وزير كافور يحسده ويعاديه فلما مات كافور قبض ابن الفرات على جميع الكتاب وأصحاب الدواوين وقبض على يعقوب بن كلس في جملتهم فلم يزل يتوصل ويبذل الأموال حتى أفرج عنه فلما خرج من الاعتقال اقترض من أخيه ومن غيره مالا وتجمل به وسار مستخفيا قاصدا بلاد المغرب فلقي القائد جوهر بن عبد الله الرومي مولى المعز العبيدي المقدم ذكره في الطريق وهو متوجه بالعساكر والخزائن إلى الديار المصرية ليملكها فرجع في الصحبة وقيل إنه استمر على قصده وانتهى إلى إفريقية وتعلق بخدمة المعز العبيدي المقدم ذكره ثم رجع إلى الديار المصرية ولم يزل يترقى إلى أن ولي الوزارة للعزيز نزار بن المعز معد وعظمت منزلته عنده وأقبلت عليه الدنيا وانثال الناس عليه ولازموا بابه ومهد قواعد الدولة وساس أمورها أحسن سياسة ولم يبق لأحد معه كلام وكان في أيام المعز
(٢٨)