مكانا وبيانا ويقيم لسلطانه بقلمه سلطانا وكان من العادة أن كلا من أرباب الدواوين إذا نشأ له ولد وشدا شيئا من علم الأدب أحضره إلى ديوان المكاتبات ليتعلم فن الكتابة ويتدرب ويرى ويسمع قال فأرسلني والدي وكان إذ ذاك قاضيا بثغر عسقلان إلى الديار المصرية في أيام الحافظ وهو أخد خلفائها وأمرني بالمصير إلى ديوان المكاتبات وكان الذي يرأس به في تلك الأيام رجلا يقال له ابن الخلال فلما حضرت الديوان ومثلت بين يديه وعرفته من أنا وما طلبتي رحب بي وسهل ثم قال لي ما الذي أعددت لفن الكتابة من الآلات فقلت ليس عندي شيء سوى أني أحفظ القرآن الكريم وكتاب الحماسة فقال في هذا بلاغ ثم أمرني بملازمته فلما ترددت إليه وتدربت بين يديه أمرني بعد ذلك أن أحل شعر الحماسة فحللته من أوله إلى آخره ثم أمرني أن أحله مرة ثانية فحللته انتهى ما ذكره ابن الأثير قلت وبعد أن نقلت ما قاله ضياء الدين ابن الأثير على هذه الصورة اجتمع بي من له عناية بالأدب خصوصا هذا الفن وهو من أعرف الناس بأحوال القاضي الفاضل وقال لي هذا الذي ذكره ابن الأثير ما يمكن تصحيحه ولعله قد غلط في النقل فإن القاضي الفاضل لم يدخل إلى الديار المصرية إلا في أيام الظافر ابن الحافظ وكان وصوله إليها مع أبيه في أمر يختص بهم ثم إني وجدت في بعض تعاليقي بخطي وما أدري من أين نقلته أن القاضي الأشرف والد القاضي الفاضل كان من أهل عسقلان وكان ينوب في الحكم والنظر بمدينة بيسان فدخل إلى مصر في زمان الظافر بن الحافظ لكلام جرى بينه وبين والي الناحية من أجل كند كبير كان عندهم
(٢٢٠)