في إيوان في القصر وجعل عندهم من يحفظهم وأخرج من كان من العبيد والإماء فأعتق البعض ووهب البعض وباع البعض وأخلى القصر من أهله وسكانه فسبحان من لا يزول ملكه ولا يغيره ممر الأيام وتعاقب الدهور ولما اشتد مرض العاضد أرسل يستدعي صلاح الدين فظن أن ذلك خديعة فلم يمض إليه فلما توفي علم صدقة فندم على تخلفه عنه وكان ابتداء الدولة العبيدية بافريقية والمغرب في ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين وأول من ظهر منهم المهدي أبو محمد عبيد الله وبنى المهدية وملك إفريقية كلها قلت هكذا ذكر شيخنا ابن الأثير تاريخ استيلاء المهدي عبيد الله على إفريقية والصواب فيه هو الذي ذكرته في ترجمته فيكشف منه ثم إنه قال ولما مات المهدي عبيد الله قام بالأمر بعده ولده القائم أبو القاسم محمد ثم ذكرهم واحدا واحدا حتى انتهى إلى العاضد المذكور فقال وانقرضت دولتهم فكانت مدة دولتهم مائتي سنة وستا وستين سنة وكان مقامهم بمصر مائتي سنة وثماني سنين وملك منهم أربعة عشر وهم المهدي والقائم والمنصور والمعز والعزيز والحاكم والظاهر والمستنصر والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والفائز والعاضد آخرهم قلت وقد ذكرت كل واحد من هؤلاء بترجمة مستقلة في هذا الكتاب فمن اختار الوقوف على أحوالهم فليطلبه في اسمه ولا حاجة إلى ذكره ها هنا قال شيخنا ابن الأثير وقد أتينا على ذكر ما أجملناه مستقصى في التاريخ الكبير يعني كتابه الذي سماه الكامل وهو مشهور ومن أنفع الكتب في بابه قال ولما استولى صلاح الدين على القصر وأمواله وذخائره اختار منه منه ما أراد ووهب أهله وأمراءه وباع منه كثيرا وكان فيه من الجواهر والأعلاق النفيسة ما لم يكن عند ملك من الملوك قد جمع على طول السنين وممر الدهور فمنه القضيب الزمرذ طوله نحو قبضة ونصف والجبل
(١٥٨)