وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٧ - الصفحة ١٤٨
عاد حتى صالح الفرنج على أن ينصرفوا كلهم عن مصر وعاد إلى الشام في بقية السنة وقد انضاف إلى قوة الطمع في الديار المصرية شدة الخوف عليها من الفرنج لعلمه بأنهم قد كشفوها كما قد كشفها وعرفوها كما عرفها فأقام بالشام على مضض وقلبه قلق والقضاء يقوده إلى شيء قدر لغيره وهو لا يشعر بذلك وكان عوده في ذي القعدة من هذه السنة إلى الشام وقيل إنه عاد في ثامن عشر شوال من السنة والله أعلم ورأيت في بعض المسودات التي بخطي ولا أعلم من أين نقلته أن أسد الدين لما طمع في الديار المصرية توجه إليها في سنة اثنتين وستين وسلك طريق وادي الغزلان وخرج عند إطفيح فكانت فيها وقعة البابين عند الأشمونين وتوجه صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره شاور في جمادى الآخرة من السنة ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام ثم إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة قال شيخنا ابن شداد وكان سبب ذلك أن الفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون الديار المصرية ناكثين لجميع ما استقر مع المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين لم يسعهما الصبر دون أن سارعا إلى قصد البلاد أما نور الدين فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه خوفا على البلاد من الفرنج ولأنه كان قد حدث له نظر إلى جانب الموصل بسبب وفاة علي بن بكتكين قلت هو زين الدين والد السلطان مظفر الدين كوكبوري صاحب إربل وقد تقدم ذكره في ترجمة ولده كوكبوري قال فإنه توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمسمائة وسلم ما كان في يده من الحصون لقطب الدين أتابك ما عدا إربل فإنها كانت له من أتابك زنكي وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله ولقد
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»