وجمع كتابا يحتوي على فنون الشعر على وضع الحماسة لأبي تمام الطائي وسماه صفوة الأدب وديوان العرب وهو كثير الوجود بأيدي الناس وهو عند أهل المغرب كالحماسة عند أهل المشرق والمقصود من ذكر هذا الأديب أنه كانت له نوادر نادرة وملح مستظرفة عند أهل الأدب فمن ذلك أنه حضر يوما إلى باب دار الأمير يوسف المذكور وهناك الطبيب سعيد الغماري وغمارة بضم الغين المعجمة قبيلة من البربر أيضا فقال الأمير يوسف لبعض خدمه انظر من بالباب من الأصحاب فخرج الخادم إلى الباب ثم عاد إليه فقال أحمد الكواريي وسعيد الغماري فقال الأمير يوسف من عجائب الدنيا شاعر من كورايا وطبيب من غمارة فبلغ ذلك الكواريي فقال * (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه) * يس 78 أعجب منهما والله خليفة من كومية فيقال إن الأمير يوسف لما بلغه ذلك قال أعاقبه بالحلم عنه والعفو ففيه تكذيبه ومن شعره من جملة قصيدة مدح بها الأمير يوسف المذكور وهو بديع غريب (إن الإمام هو الطبيب وقد شفى * علل البرية ظاهرا ودخيلا) (حمل البسيطة وهي تحمل شخصه * كالروح توجد حاملا محمولا) ومن شعره أيضا في ذم أهل فاس وهي مدينة بالمغرب فيما بين سبتة ومراكش (مشى اللؤم في الدنيا طريدا مشردا * يجوب بلاد الله شرقا ومغربا) (فلما اتى فاسا تلقاه أهلها * وقالوا له أهلا وسهلا ومرحبا) وله كل شعر مليح وكان شيخا مسنا جاوز ثمانين سنة وتوفي في آخر أيام الأمير يعقوب ابن الأمير يوسف وقد ذكرت وفاة الأمير يعقوب في ترجمته فيكشف منها وله مديح في الأمير عبد المؤمن بن علي وأولاده إلى آخر زمنه رحمه الله تعالى
(١٣٧)