كما شرحته فيتعين أن يكون خروجهم من تكريت في المدة المذكورة تقديرا والله أعلم قلت ثم أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون فكان كما قال والله أعلم ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق في التاريخ المذكور في ترجمته لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين وكانت مخايل السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من حاله إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد حتى تجهز للمسير مع عمه شيركوه إلى الديار المصرية كما سنشرحه إن شاء الله تعالى وجدت في بعض تواريخ المصريين أن شاور المقدم ذكره هرب من الديار المصرية من الملك المنصور أبي الأشبال ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة كعادتهم في ذلك وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك العادل نور الدين أبي القاسم محمود بن زنكي وذلك في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ودخل دمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة من السنة فوجه نور الدين معه الأمير أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش غرضان أحدهما قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا والثاني أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك
(١٤٥)