وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٤٢١
وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه في سنة خمس وستين ومائتين أنه مات فيها يعقوب بن الليث في تاسع عشر شوال من السنة وذكر حديث القولنج وامتناعه من الحقنة وأنه مات بجنديسابور من كور الأهواز قلت وهي من أعمال خوزستان بين العراق وبلاد فارس وقال شيخنا أيضا وكان الخليفة المعتمد قد أنفذ إليه رسولا يترضاه ويستميله ويقلده أعمال فارس فوصل الرسول إليه ويعقوب مريض فجلس له وجعل عنده سيفا ورغيفا من خبز الخشكار ومعه بصل وأحضر الرسول فأدى الرسالة وقال له قل للخليفة إني عليل فإن مت فقد استرحت منك واسترحت مني وإن عوفيت فليس بيني وبينك إلا هذا السيف حتى آخذ بثأري أو تكسرني وتفقرني فأعود إلى هذا الخبز والبصل وعاد الرسول فلم يلبث يعقوب أن مات وقال بن حوقل في كتاب المسالك والممالك إن جنديسابور مدينة حصينة واسعة الخير وبها نخل وزروع كثيرة ومياه وقطنها يعقوب بن الليث الصفار لخصبها واتصالها بالمير الكثيرة وكان الحسن بن زيد العلوي يسمى يعقوب السندان لثباته وكان قل أن يرى متبسما وكان عاقلا حازما وكان يقول كل من عاشرته أربعين يوما ولا تعرف أخلاقه لا تعرفها في أربعين سنة (351) ولما تولى عمرو أحسن في التدبير والسياسة غاية الإحسان حتى يقال ما أدرك في حسن السياسة للجنود والهداية إلى قوانين المملكة منذ زمن طويل مثل عمرو بن الليث وذكر السلامي في كتاب أخبار خراسان شيئا كثيرا من كفايته ونهضته وقيامه بقواعد الولاية فتركته طليا للاختصار وذكر أنه كان ينفق في الجند في كل ثلاثة أشهر مرة ويحضر بنفسه على ذلك وأن عارض الجيش يقعد والأموال بين يديه والجند بأسرهم حاضرون وينادي المنادي أولا باسم عمرو بن الليث فتقدم دابته إلى العارض بجميع آلة الفارس فيفتقدها ويأمر بوزن ثلاثمائة درهم باسم عمرو فتحمل إليه في صرة فيأخذ الصرة فيقبلها ويقول الحمد لله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين حتى استوجبت منه الرزق ثم يضعها في خفه فتكون لمن ينزع خفه ثم يدعى بعد ذلك
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»