العبدي البصري الشاعر المشهور يلازم الترداد إلى القاضي يحيى المذكور ويغشى مجلسه وكان بعض الأحيان لا يقدر على الوصول إليه إلا بعد مشقة ومذلة يقاسيها فانقطع عنه فلامته زوجته في ذلك مرارا فأنشدها (تكلفني إذلال نفسي لعزها * وهان عليها أن أهان لتكرما) (تقول سل المعروف يحيى بن أكثم * فقلت سليه رب يحيى بن أكثما) ولم تزل الأحوال تختلف عليه وتتقلب به إلى أيام المتوكل على الله فلما عزل القاضي محمد بن القاضي أحمد بن أبي داود عن القضاء فوض الولاية إلى القاضي يحيى وخلع عليه خمس خلع ثم عزله في سنة أربعين ومائتين وأخذ أمواله وولى في رتبته جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي ابن عبد الله بن العباس الهاشمي فجاء كاتبه إلى القاضي يحيى فقال له سلم الديوان فأبى فقال شاهدان عدلان على أمير المؤمنين أنه أمرني بذلك فأخذ منه الديوان قهرا وغضب عليه المتوكل فأمر بقبض أملاكه وألزم منزله ثم حج وحمل أخته معه وعزم على أن يجاور فلما اتصل به رجوع المتوكل له بدا له في المجاورة ورجع يريد العراق فلما وصل إلى الربذة توفي بها يوم الجمعة منتصف ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين وقيل غرة سنة ثلاث وأربعين ودفن هناك رحمه الله تعالى وعمره ثلاث وثمانون سنة وأكثم بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الثاء المثلثة وبعدها ميم وهو العظيم البطن والشبعان أيضا يقال بالثاء المثلثة والتاء المثناة من فوقها ومعناهما واحد ذكره في كتاب المحكم وحكى أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن سعيد قال كان يحيى بن أكثم القاضي صديقا لي وكان يودني وأوده فمات يحيى فكنت أشتهي أن أراه في المنام فأقول ما فعل الله بك فرأيته ليلة في المنام فقلت ما فعل الله بك
(١٦٣)