العاشقين يلوح من خلالها شقائق قد شابه اشتقاق الهوى بالعليل فشابه شفتى غادتين دنتا للتقبيل وربما اشتبه على النحرير بائتلاف الخمر وقد انتابه رشاش القطر ويريه بهارا يبهر ناضره فيرتاح إليه ناظره كأنه صنوج من العسجد أو دنانير من الإبريز تنقد ويتخلل ذلك أقحوان تخاله ثغر المعشوق إذا عض خد عاشق فلله درها من نزهة رامق ولون وامق وجملة أمرها أنها كانت أنموذج الجنة بلا مين فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ العين قد اشتملت عليها المكارم وارجحنت في أرجائها الخيرات الفائضة للعالم فكم فيها من حبر راقت حبره ومن إمام توجت حياة الإسلام سيره آثار علومهم على صفحات الدهر مكتوبة وفضائلهم في محاسن الدنيا والدين محسوبة وإلى كل قطر مجلوبة فما من متين علم وقويم رأي إلا ومن شرقهم مطلعه ولا من مغربة فضل إلا وعندهم مغربه وإليهم منزعه وما نشأ من كرم أخلاق بلا اختلاق إلا وجدته فيهم ولا إعراق في طيب أعراق إلا اجتليته من معانيهم أطفالهم رجال وشبابهم أبطال ومشايخهم أبدال شواهد مناقبهم باهرة ودلائل مجدهم ظاهرة ومن العجب العجاب أن سلطانهم المالك هان عليه ترك تلك الممالك وقال لنفسه الهوى لك وإلا فأنت في الهوالك وأجفل إجفال الرال وطفق إذا رأى غير شيء ظنه رجلا بل رجال * (كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين) * الدخان 26 لكنه عز و جل لم يورثها قوما آخرين تنزيها لأولئك الأبرار عن مقام المجرمين بل ابتلاهم فوجدهم شاكرين وبلاهم فألفاهم صابرين فألحقهم بالشهداء الأبرار ورفعهم إلى درجات
(١٣٥)