شيئا من كتب الخوارج فاشتبك في ذهنه منه طرف قوي وتوجه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة وستمائة وقعد في بعض أسواقها وناظر بعض من يتعصب لعلي رضي الله عنه وجرى بينهما كلام أدى إلى ذكره عليا رضي الله عنه بما لا يسوغ فثار الناس عليه ثورة كادوا يقتلونه فسلم منهم وخرج من دمشق منهزما بعد أن بلغت القضية إلى والي البلد فطلبه فلم يقدر عليه ووصل إلى حلب خائفا يترقب وخرج عنها في العشر الأول أو الثاني من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة وتوصل إلى الموصل ثم انتقل إلى إربل وسلك منها إلى خراسان وتحامى دخول بغداد لأن المناظر له بدمشق كان بغداديا وخشي أن ينقل قوله فيقتل فلما انتهى إلى خراسان أقام بها يتجر في بلادها واستوطن مدينة مرو مدة وخرج عنها إلى نسا ومضى إلى خوارزم وصادفه وهو بخوارزم خروج التتر وذلك في سنة ست عشرة وستمائة فانهزم بنفسه كبعثه يوم الحشر من رمسه وقاسى في طريقه من المضايقة والتعب ما كان يكل عن شرحه إذا ذكره ووصل إلى الموصل وقد تقطعت به الأسباب وأعوزه دنيء المآكل وخشن الثياب وأقام بالموصل مدة مديدة ثم انتقل إلى سنجار وارتحل منها إلى حلب وأقام بظاهرها في الخان إلى أن مات في التاريخ الآتي ذكره إن شاء الله تعالى ونقلت من تاريخ إربل الذي عني بجمعه أبو البركات ابن المستوفي المقدم ذكره أن ياقوتا المذكور قدم إربل في رجب سنة سبع عشرة وستمائة وكان مقيما بخوارزم وفارقها للواقعة التي جرت فيها بين التتر والسلطان محمد بن تكش خوارزم شاه وكان قد تتبع التواريخ وصنف كتابا سماه إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء يدخل في أربعة جلود كبار ذكر في أوله قال وجمعت في هذا
(١٢٨)